حقوق الإنسان.. أم ابتزاز الوزراء؟!
صرح النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب بأنه يعكف حاليا على إعداد استجواب ضد الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي ويقول بأن إقالتها ضرورية لماذا؟!
يقول النائب: إن الوزيرة أساءت للنظام والدولة المصرية بجميع مؤسساتها!، في ظل صمت رئيس الوزراء عن سياسات وتصرفات الوزيرة الفاشلة.. وغير المسئولة!
كيف حدثت الإساءة.. وهل هناك دليل على فشلها؟
يرجع النائب في البيان الذي أصدره فشل الوزيرة إلى أنها تعيد الدولة إلى عصر ما قبل الثورة، وذلك لمشاركتها بعض النواب زياراتهم لدوائرهم الانتخابية، وتقديم خدمات لهم، دون نواب آخرين بالمجلس، وذلك بالمخالفة للدستور والقانون الذي يمنع التمييز بين المواطنين والنواب!
وقد يجتهد البعض ويفسر غضبة النائب على الوزيرة بأنه يتولى رئاسة لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، ولا يقبل التمييز بين المواطنين والنواب.
ولكنه لم يترك لأصحاب الاجتهاد الفرصة، فقد أوضح في البيان السبب الحقيقي وراء حملته الشعواء على الوزيرة.. «أن الوزيرة تثير الفتنة بين النواب والوقيعة بينهم، لأنها تميز بعض النواب عن زملائهم»!.. المشكلة إذا ليست بسبب التمييز بين المواطنين والنواب إنما بين النواب أنفسهم، لأن الوزيرة قامت بزيارة بعض الدوائر بمصاحبة نوابها، ربما لجدية المشروعات التي ستقام في دوائرهم، بينما لم تستجب لدعوات نواب آخرين، قد لا تكون مقتنعة بأهمية الزيارة مما أثار غضبهم.
وفي كل الأحوال لا يمكن أن تقوم الوزيرة بزيارة كل الدوائر الانتخابية من أجل إرضاء السادة النواب، وإلا لن تستطيع أن تؤدي أي عمل سوي الدعاية لهم، وطالما أنه ليس بمقدورها زيارة كل الدوائر، فإنها ستغضب النواب الذين تأخرت عن زيارة دوائرهم.
وعلي سبيل المثال.. لو استجابت لدعوة النائب علاء عابد ورافقته في زيارة دائرته، فلن تسلم من هجوم نواب آخرين ربما يسيئون الظن بها، ويتهمونها بأنها تجامل عابد لأنه رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، وبمقدوره - كما حدث بالفعل- أن يصدر بيانا يتهم الوزيرة بأنها لا تراعي قواعد حقوق الإنسان، وتميز بين المواطنين والنواب ولذلك لن تسلم الوزيرة من الاتهام بالفشل لأنها لن تستطيع إرضاء جميع النواب.
وأتوقف عند ما جاء في بيان رئيس لجنة حقوق الإنسان بأنه «على ثقة كاملة في إقناع الأغلبية البرلمانية بسحب الثقة من هذه الوزيرة» ومحاسبتها على ما ارتكبته من جرائم سياسية ومالية في حق مصر وشعبها ونوابها «!» ويكفي أنها أعادت الدولة إلى عصر ما قبل الثورة، وهذا كفيل بإسقاطها وسحب الثقة منها.
وأول ما يلفت النظر في البيان الصادر عن رئيس لجنة حقوق بمجلس النواب الخروج عن حدود اللياقة في التعامل مع المسـئولين، وتوجيه الاتهامات بالفشل دون تقديم الأدلة التي تثبت صحة تلك الاتهامات -التي لو صحت- لما كان يكفي استبعاد الوزيرة إنما محاكمتها، ولا اعتقد أن عدم الاستجابة لدعوة بعض النواب لزيارة دوائرهم تمثل جريمة سياسية ومالية في حق مصر وشعبها ونوابها وما كان ينبغي على النائب وهو صاحب تاريخ حافل في المؤسسة الأمنية أن يلقي بتلك الاتهامات التي تسيء للوزيرة.. بل ولمجلس الوزراء الذي يتستر على جرائمها وفق بيان النائب، وللنظام المصري الذي يثق بالوزيرة ويمنحها العديد من الصلاحيات التي تستفز خصومها.
بيان رئيس لجنة حقوق الإنسان قدم أكبر إساءة لمؤسسات الدولة، وأثبت عدم استجابة الوزيرة للابتزاز والخضوع لضغوط أصحاب المصالح.
ويبدو أن النائب لا يدرك أن مثل هذا الأسلوب في التعامل مع المسئولين كان وراء اعتذار عشرات المرشحين للوزارة عن قبولها، وعندما يؤكد على أنه لن يترك الوزيرة لأن إقالتها ضرورية حسب ما جاء في البيان فإن ذلك يدل على عدم إدراكه بأن المناصب الوزارية لم تعد مغنما كما كانت في الماضي، ولن تخسر الوزيرة سحر نصر لو وفي النائب بوعوده.. وإنما يخسر الوطن.. وتتهاوي كل مواثيق حقوق الإنسان!