وجه الشبه بين غياب المعلومات عن المسئولين وعمليات البواسير
لو توافرت لدى المسئولين قاعدة بيانات كاملة ودقيقة، لما تحولت تصريحاتهم إلى مهرجانات ضحك وسخرية واستهزاء.. ولما انفرط عقد الثقة بين المواطن والحكومة، واسألوا الأجهزة المعنية عن رصد ردود فعل الرأي العام.. لو توفرت المعلومات لدى وزير التربية والتعليم، لما هرب من سؤال أحد الصحفيين بالصراخ في وجهه قائلًا: أنا وزير تعليم وليس وزير أكل.
لو توافرت البيانات لما تحدث محافظ البنك المركزي عن فرحة المدام بارتفاع الدولار.. لو توافرت البيانات لما قال أحدهم وهو مسئول بوزارة معنية بالتجارة الخارجية إننا سوف نبرم عدة اتفاقيات للتجارة والأرزاق على الله.
لو توافرت المعلومات لدى السيدة غادة والي وزيرة التضامن، لما قالت بكل ثقة إن الجنة هيكون فيها مزيكا وباليه.. لو توافرت المعلومات ما خرج وزير التموين الأسبق، ليعلن على الملأ أن الوزارة سوف تطرح كيلو اللحمة بجنيه.. لو توافرت المعلومات لدى متحدث رسمي حكومي إبان فضيحة غرق شوارع الإسكندرية، لما خرج على الإعلام ليعلن بكل ثقة وكبرياء المثقفين أن السبب الرئيسي لغرق الإسكندرية هو أن "النَّطَرة" كانت شديدة اليومين اللي فاتوا".
غير أن الأمانة تقتضي الاعتراف بأن جلال السعيد محافظ القاهرة السابق، هو الوحيد الذي اعتمد على قاعدة بيانات علمية ودقيقة، عندما قال إن الدنيا لما بتمطَّر الشوارع بتتبل.
لو توافرت المعلومات لدى الخبير الإستراتيجي والضيف الدائم على برامج التوك شو، لما وصف الرباعية التونسية على أنها ست طيبة وتستاهل الجايزة، بينما هى كيان مدني تونسي.
ما حدث من الخبير الأخير وغيره هو نفس ما حدث من أصدقاء رجل كان طريح الفراش، وتوجهوا لزيارته، وحجبت عنهم المعلومات الصحيحة عن مرضه لظروف خاصة، فكانت النتيجة عدة تصريحات وتفسيرات صدرت عنهم في غير موضعها، لكنها تهلك من الضحك.. ما هى القصة؟.. اقرأ يا عزيزي ما يلي:
غاب عبد الحميد أفندي عن أصدقاء المقهى لعدة أيام دون سابق استئذان على غير عادته.. وعندما علموا بخضوعه لعملية جراحية مفاجِئَة قرروا زيارته.. دخلوا الشقة واستقبلتهم ابنته، فبادروها بالسؤال عن العملية الجراحية.. البنت اعتراها الخجل الشديد، لأن العملية كانت "البواسير".. فقالت لهم إن والدها أجرى عملية جراحية في "مناخيره".
كما نلاحظ هنا أن البنت حجبت البيانات أو المعلومات الصحيحة عن أصدقاء أبيها.. فأفضى ذلك إلى نتيجة هى صورة طبق الأصل من نتائج غياب البيانات والمعلومات عن السادة المسئولين.. فماذا كانت نتيجة ما اقترفته ابنة الرجل المريض؟.. مع الأخذ بعين الاعتبار أن الرجل المريض لديه يقين أن الأصدقاء لديهم علم بأن العملية في موضع البواسير، فيما تقول المعلومة المغلوطة إن العملية في مناخيره.. تعالوا نرى ما حدث.
دخل الأصدقاء على عبد الحميد أفندي وجلسوا.. وإذا بأحدهم يعاتبه بعنف وشِدَّة ويحَمِّله مسئولية ما حدث له، ويذكِّره بأنه طالما حَذَّرَه من تسليكها بأصابعه وبأدوات صلبة كالأقلام وغيرها.. فغضب عبد الحميد أفندي من قلة أدب صديقه.
أظن المسألة واضحة.. وسبب ما حدث هو أن الصديق تحدث من واقع بيانات مغلوطة من الابنة.. لكنه حسن النية، لأنه كان يتحدث عن مناخير عبد الحميد أفندي.. بينما ظن الأخير غير ذلك!.