رئيس التحرير
عصام كامل

معارك الإنترنت.. ورصاص الحرب النفسية القاتل


لم تعد الأمور تجري كالسابق أصبح العالم أكثر تطورًا وذكاء، وأكثر استخدامًا للتقنيات الحديثة في الحروب والمنازعات، معتمدًا على سلاح "الحرب النفسية"، بمختلف أساليبها وآلياتها، واستباح في سبيل تحقيق الهدف المرجو كل الإمكانيات، لتدمير الخصم وتكبده الخسائر الفادحة، فبينما تبني الدول الأساطيل والبوارج وقواعد الصواريخ، يتسلل هؤلاء المحاربين على الإنترنت لضرب الدول في مقتل، وتغيب شبابها وتجهيل مواطنيها وخلق حالة من الظلام واللاوعي.


ما أريد قوله عزيزي القارئ وأنبه له، هو خطورة ذاك الهاتف الذي لا تزيغ عيناك عنه طوال النهار والليل، إنه يسهم في تشكيل وعيك، استنادًا على القاعدة المعروفة "ما تملأ به عقلك وقلبك سينعكس على شخصيتك وطريقة رؤيتك للأمور"، ومن المهم أن تعلم أن دولًا خصصت كتائب لترصد كل كبيرة وصغيرة على الإنترنت، تطلق رصاصات الشائعات والأكاذيب لتعرف طريقها إلى عقلك تمامًا وكيف تخترقه لأنك وببساطة لم تضع أي "فلاتر" لتنقية المعلومات والأخبار التي تتلقاها من على مواقع التواصل الاجتماعي.

بطبيعة عملي بالتعاون مع زملائي بكيان "الجيش المصري الإلكتروني" واجهنا حالات عدة من نوعية مطلقي الشائعات ومصممي الأكاذيب على قدر عقول القراء، وتمكنا من إغلاق عشرات الآلاف من الصفحات التابعة لجماعات الظل وخفافيش الظلام، واستطعنا اختراق المنبر الإعلامي لداعش أثناء كلمة مرتقبة لأبي بكر البغدادي، ووضعنا صورة الرئيس السيسي بصدر الموقع، وأغنية "تسلم الأيادي"، أنا لا أستعرض هنا إنجازات أو بطولات، ولكني ذكرت تلك العمليات لأثبت لك أننا ضربنا العناصر الإرهابية في مقتل، ولقناهم درسًا قاسيًا في "هتك العرض الإلكتروني"، بهدف توصيل رسالة مفادها أنهم مكشوفون لنا، وخططهم تحت أيدينا، وإننا لهم بالمرصاد.

ولعل المكسب الحقيقي لنا هو أن يتمتع المواطنون بالوعي الكافي لمواجهة تلك العناصر التي تحاول وبشراسة تزيف وعي المواطنين وتخدير عقولهم.

منذ عدة أيام وأثناء مطالعتي لصفحات مواقع التواصل الاجتماعي استوقفني منشور لأحد الأصدقاء مفعم بمعاني الخوف والرهبة ويتحدث عن أن العناصر الإرهابية في سيناء تنصب أكمنة وتفتش المواطنين وتتحقق من هوياتهم، وأن الواقعة موثقة بالفعل بفيديو تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء قيام عناصر التنظيم الإرهابي باستيقاف المواطنين والاطلاع على هوياتهم، لم أستطع أن يمر الأمر مرور الكرام على، وبدأت عملية البحث عن مصدر الفيديو الذي تبين أنه خاص بعنصر تكفيري قام برفعه لضرب أمان المصريين وتشكيكهم في سيطرة قواتهم المسلحة والشرطة الميدانية بسيناء.

لم أتردد لحظة ولم أشك في ثقة قواتنا المسلحة الباسل، ولكني أجريت عدة اتصالات بأصدقاء في سيناء، مستفسرًا عن الواقعة وكيف حدثت، إلا أني وجدت رد فعل غريب، فما كان منهم سوى الضحك الهستيري وجملة واحدة "انت بتهرج يا خالد"، توقفت مع نفسي للحظة، المصريين على فيس بوك يشاهدون مثل هذه الفيديوهات والصور فتأخذهم الرهبة والخوف، والأبطال في الجبهة يثير الأمر سخريتهم وكأن شيئًا لم يكن.

"وراح صاحبنا يحكي الحكاية واللي فيها"، وأكد لي خلال الاتصال أن تلك العناصر تعمل كالفئران بالضبط، وتتلقى تعليمات من قيادات عليا تطلب منها تصوير فيديوهات من هذا النوع، لإيفاد رسالة مفادها أن لهم الغلبة في سيناء، ويتم تسجيل الفيديو في أقل من دقائق، وفي منطقة نائية بعد دراستها ومراقبتها لفترة، ومن يدقق سيلاحظ نظراتهم الخاطفة الحائرة خوفًا من أن ترصدهم أعين الصقور .

واختتم صديقي حديثه "متخافوش على سيناء" واللي بيتنشر على فيس بوك ده يستهدف وعي المصريين اللي احنا بنراهن عليه.

انتبهوا يا مصريين من معركة العقول، فهي أخطر من معارك السلاح.
الجريدة الرسمية