3 نماذج لعب فيها التشكيليون دورا في تغيير طبيعة المكان.. «تقرير»
يلعب الفنانون التشكيليون دورا مهما في إضافة لمسات سحرية على أماكن سرق منها الإنسان والزمان جمالها وروعتها، فالفنانون الحقيقيون دائما في سعى متواصل لاكتشاف الجمال في كل مكان، يحولون القبح إلى جمال يسر الأعين ويؤثر القلوب، ويزيل الهموم كما قال ايليا أبو ماضى «رَوضٌ إِذا زُرتَهُ كَئيبا.. نَفَّسَ عَن قَلبِكَ الكُروبا».
وفيما يلى نستعرض 3 نماذج أضفى عليها التشكيليون لمستهم الخاصة:
قرية القرنة بالأقصر
أضفى المهندس المعمارى المصرى حسن فتحى لمسته الفنية على قرية «القرنة الجديدة» بغرب مدينة الأقصر، والتي أنشئت في عام 1946، لاستيعاب المهجرين من مناطق المقابر الفرعونية بالبر الغربي، وحققت القرية شهرة عالمية بسبب كتاب عمارة الفقراء.
بدأ حسن فتحي المرحلة الأولى من مشروع بناء القرية ببناء 70 منزلًا، بحيث يكون لكل منزل صفة مميزة عن الآخرين حتى لا يختلط الأمر على السكان.
واعتمد في تصميم المنازل على الخامات والمواد المحلية، وظهر تأثّره بالعمارة الإسلامية، كانت للقباب تصميمها الفريد والتي استخدمت بدلا من الأسقف التي تعتمد على الألواح الخشبية أو الأسياخ الحديدية المعتادة، وتم تخصيص بابٍ إضافيٍ في المنازل للماشية، التي يقتنيها سكان المنطقة، كنوع من أنواع العزل الصحي، حفاظًا على سلامة الأفراد.
كما وجه فتحى اهتمامه لتعليم النشء، فشيد ثلاث مدارس بالقرية؛ الأولى للأولاد والثانية للبنات. أما الثالثة فكانت مدرسة لتعليم الحِرف اليدوية التي اشتهرت بها منطقة القرنة، مثل الألباستر والغزل والنسيج وصناعة منتجات النخيل، كما حاول من خلال هذه المدرسة الحفاظ على روح الإبداع الفرعونية في الأجيال الجديدة.
ولم يغفل الجانب الديني الذي يميز أهل القرية، أو الجانب الترفيهي لتعويضهم عن منازلهم التي تم تهجيرهم منها دون إرادتهم، فعمل فتحي على إنشاء مسجد كبير في مدخل القرية حمل أجمل النقوش المعمارية في تصميمه، وفيما يخص الجانب الترفيهي قام فتحي بإنشاء قصر ثقافة حمل اسمه، ومسرحًا مبنيًا على الطراز الروماني، إلى جانب حمام سباحة.
قرية تونس بالفيوم
عندما سافرت الفنانة التشكيلية السويسرية إيفلين بوريه طليقة الشاعر الراحل سيد حجاب، إلى قرية «تونس» بمحافظة الفيوم، وقعت في غرام المكان ولم تفكر في العودة لبلدها الأصلي سويسرا إلا للزيارات، حيث عملت إيفيلين على تحويل القرية إلى مزار سياحي لعشاق الفخار، ونقلت إليها ما تعلمته في كلية الفنون التطبيقية بسويسرا.
بدأت بوريه تجربتها بفن الخزف فأنشئت ورشة ثم تحولت الورشة إلى جمعية لتعليم أولاد الريف على هذا الفن، والآن هناك ورش عديدة بالقرية، وفى المدرسة يتعلم الأطفال هذا الفن التراثي، وقد اختار العديد من الشباب في القرية عمل الخزف والفخار وأصبحت مهنتهم الأساسية.
وانتشرت الورش الفنية بالقرية ووصل العديد من شبابها للعالمية، حيث تعرض أعمالهم بمعارض عالمية في الخارج، ويحرص الأجانب على شراء منتجاتهم.
مدينة أصيلة بالمغرب
لعب الفنانون المبدعون على مدى الثلاثة عقود الأخيرة دورا مهما في تحويل المدينة المغربية أصيلة أو أزيلا، الواقعة على شاطئ المحيط الأطلسي إلى قطب ثقافي وسياحي هام، حيث يتوافد عليها آلاف المثقفون كل سنة، فقد تميزت المدينة منذ أكثر من خمس قرون بطبيعة سحرية خاصة، وشهدت تحويلات عدة في طبيعة المكان حتى أصبحت مركز إشعاع ثقافي كبير بالمغرب عامة وبمنطقة جبالة خاصة وذلك لاحتوائها على أكبر معرض فني مفتوح في المغرب يتمثل في أزقة المدينة وأحيائها، كما تتميز بالنمط المعماري الأندلسي الأصيل.
تستقطب المدينة آلاف الزوار سنويا لمشاهدة مآثرها التاريخية والثقافية وللمشاركة في مهرجان أصيلة الثقافي المفتوح وهو عبارة عن تظاهرة فنية خاصة بالفن التشكيلي يشارك فيها مئات الفنانين والهواة والمبتدئين وتظل المدينة بعد ذلك معرضا مفتوحا لأهم وأجمل اللوحات طيلة عام كامل.
كما تعد شواطئ المدينة والتي تمتد على طول 17 كيلومترا من أهم وسائل الجذب السياحي، حيث تستقطب هذه الشواطئ آلاف المصطافين سنويا من داخل المغرب ومن شبه الجزيرة الإيبيرية بشكل خاص.