ذكرى عبد الحليم.. شوية أغاني!
لو أن عبد الحليم حافظ كان مغربيًا، أو تونسيًا، أو إماراتيًا، أو سعوديًا لأقاموا له متحفًا على مساحة خمسة أفدنة، وأقاموا أمامه تمثالًا له بالحجم الطبيعي، وأطلقوا اسمه على أحد أكبر الميادين وعلى شارع رئيسي، أما لأنه في مصر في بلد لا تقدر أولادها الموهوبين، فإنه بعد أربعين عامًا على وفاته يوم الأربعاء 30 مارس 1977 فإنه حتى الآن بلا متحف لمقتنياته وبلا شارع باسمه..
بل أكثر من هذا فإن الشارع الدي سكن فيه 15 عامًا بحي الزمالك، ما زال يحمل اسم بهاء الدين قراقوش، ولم يفكر رئيس الوزراء، ولا وزير التنمية المحلية، ولا محافظ القاهرة فكر في أن يطلق اسم عبد الحليم حافظ على هذا الشارع، بدلًا من اسم قراقوش الذي شارك في بناء قلعة صلاح الدين الأيوبي، ويطلق اسم قراقوش على شارع قلعة الكبش، واسم حليم على شارع قراقوش.. نقول لمين.. ويفيد مين.
عبد الحليم المصري، وليس المغربي، ولا التونسي، اطلقوا اسمه على أكبر طريق في الرباط العاصمة المغربية، وأطلقوا عليه نهج عبد الحليم حافظ، أي طريق عبد الحليم حافظ، وفي تونس أطلقوا اسمه على أكبر ميادين العاصمة تونس، دول كثيرة كرمته واطلقت اسمه على شوارعها إلا مصر لم تكرمه بأي شكل من الأشكال، بل كل ما نفعله في كل ذكرى من سنوات رحيله أن تذيع محطات الإذاعة وقنوات التليفزيون بعضًا من أغنياته..
فضلًا عن بعض من أفلامه وبعض المشاهد والحوارات الإذاعية التي أجريت معه أو مع بعض المشاهير بعد وفاته، فيذاع حديث لمحمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، وتحية كاريوكا، وكمال الطويل، وبليغ حمدي، ومصطفى أمين، وأنيس منصور، وعلي أمين، وإحسان عبد القدوس، أي إننا نكتفي بإذاعة شوية أغاني في ذكراه وكان الله بالسر عليم.
منذ ثلاثة أعوام اتصل بي صديقي العميد محمد ثابت فنان النحت الكبير، وقال لي إنه انتهى من تصميم وتنفيذ تمثال لعبد الحليم حافظ على حسابه الخاص، برغم إمكانياته البسيطة.. فهو ضابط سابق على المعاش، وذهبت معه للدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس الأوبرا، وطلبت منها أن تشارك في تخليد عبد الحليم حافظ بوضع التمثال في حديقة الأوبرا، بالقرب من تمثالي أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، واستجابت إيناس عبد الدايم مشكورة ووافقت، وتم وضع التمثال في احتفالية بسيطة دعى إليها بعض من أفراد أسرة عبد الحليم، وبعض عشاق فنه وهو موجود الآن في الأوبرا، ويحتاج إلى صيانة دورية، لكن مصممه إمكانياته محدودة، خاصة أنه انتهى منذ شهرين ونصف من تصميم وتنفيذ تمثال آخر لفريد الأطرش، ثم وضعه بجوار تمثال عبد الحليم حافظ، وتم التنفيذ على نفقة محمد ثابت، وجمعية محبي فريد الأطرش وليس على حساب وزارة الثقافة أو دار الأوبرا.
ويوم الخميس الماضي مضت الذكرى الأربعين لوفاة العندليب، ولم تقم الدولة بأي شيء لإحياء ذكراه، بل وضعت سفارة الدانمارك التي تقع تحت شقة عبد الحليم صورة كبيرة له بالبلكونة وأذاعت بعض أغنياته.