الإخوان فى مصيدة الفئران!
تأكد لدىّ – بعد صدور عدد من التصريحات المستفزة لبعض قادة الإخوان المسلمين- أن الحماقة السياسية مكون أساسى من مكونات مشروع جماعة الإخوان المسلمين، الذى أثبت فى الممارسة أنهم فى الواقع مفلسون فكرياً، وعجزة فى فن الحكم، وفاشلون فى الإدارة، وفقراء للغاية فى مجال الرؤية!
ولو حاولنا أن نطبق المنهج التاريخى لكى ندلل على الحماقة المدهشة للإخوان، فنستطيع أن نعود لتصريح المرشد السابق للجماعة الأستاذ "مهدى عاكف" حين قال – لا فض فوه- فى انفعال شديد وهو فى ثورة غضب عارمة "طز" فى مصر واللى فى مصر! وأنا لن أعترض على حاكم ماليزى لو حكم مصر مادام مسلماً!
والرجل صادق فى تصريحه للأسف الشديد! فهو وجماعته لا يؤمن بالوطنية ولا بسيادة الدول على حدودها مادامت كلها أراضى إسلامية، وطبقاً لذلك ترى الجماعة- فيما يبدو- أنه ليس هناك ضير لو أقطعت رئاسة الدولة الإخوانية نصف سيناء هدية غير مستردة لجماعة حماس، حتى توسع من إطار الإمارة الإسلامية التى تحكمها فى غزة!
فالذى يشغل الجماعة ليست هى سيادة الدولة على أراضيها، ولا الدفاع عن حدودها، ولكن هو حلم استرداد الخلافة الإسلامية حيث تصبح مصر -كما صرح داعية الجماعة "صفوت حجازى"- مجرد ولاية إسلامية، لأن الخلافة لن تكون عاصمتها القاهرة ولكن القدس، والتى سنزحف عليها – لنحررها- بالملايين! أحلام وهمية غير قابلة للتحقيق، وفى نفس الاتجاه صّرح المرشد "محمد بديع" بأنه يبدو أن حلم عودة الخلافة الإسلامية الذى حلم به الشيخ "حسن البنا" قارب على التحقيق، وذلك بعد فوز حزب الحرية والعدالة بالأكثرية فى مجلس الشعب المنحل!
ولو أردنا أن ندلل على حماقة جماعة الإخوان المسلمين فنحن نستطيع –بكل موضوعية وتجرد- الاستناد إلى عدد من التصريحات المستفزة الأخرى لبعض قادتهم وفى مقدمتهم الدكتور "عصام العريان"، الذى يطلق عليه الآن زعيم الأغلبية الإخوانية فى مجلس الشورى، مع أن المجلس كله أغلبيته إخوانية وسلفية لأنه ليس فيه معارضة! وإنما هى ألقاب وهمية توحى بالأهمية السياسية وبالوجاهة الاجتماعية مع أنها أوهى من نسيج العنكبوت!
ما علينا! صرح العريان منذ فترة – دون أى مقدمات، ودون أى سبب ودون أى ضرورة- بأنه يرحب سيادته بعودة اليهود المصريين الذين هاجروا إلى دولة إسرائيل الصهيونية بعد إنشائها عام 1948!
وغاب عن الزعيم السياسى المغوار أن من غادر مصر منهم فع ذلك اختياراً لأنهم يؤمنون الصهيونية ولم يجبرهم أحد على الهجرة! وأهم من ذلك أن هؤلاء رحلوا إلى العالم الآخر منذ سنوات بعيدة، وليس هناك سوى أحفادهم الذين هم مواطنون إسرائيليون خدموا جميعاً فى الجيش الإسرائيلى، وشاركوا فى كل الحروب العدوانية ضد الشعب المصرى!
ترى ما هو السر فى هذا التصريح الأحمق؟ هل كلف الرجل بتقديم قربان للدولة الإسرائيلية تحت ضغط حكومة الولايات المتحدة الأمريكية التى تستمد منها جماعة الإخوان المسلمين – فيما يبدو- شرعيتها السياسية؟
لقد فشل كل المعلقين السياسيين فى معرفة بواعث الدكتور "العريان" فى إصدار هذا التصريح!
ولو يبخل علينا الرجل بتصريحات حمقاء إذا أتحفنا مؤخراً بدعوته لمحاكمة الدكتور "البرادعى" لأنه سهل للأمريكان دخول العراق!
يا راجل! ألم تشد عدة مرات من قبل بدور "البرادعى" فى إشعال ثورة 25 يناير؟ ما هذا التناقض؟ غير أن الحماقة السياسية بلغت ذروتها بعد القصيدة الشعرية التى ألقاها فى عيد تكريم عيد الأم شاعر الإخوان فى مؤتمر حزب الحرية والعدالة مؤخراً والتى قذف فيها وسب القوات المسلحة واتهمها قيادة وجنوداً بالجبن وبأنه – كما قال- "فى السلم تراهم قراصنة فى الحرب تراهم خزيا وفرار، ما قيمة جيش فى أسد إن كان يقودهم الفار".
ثم عقب على نفسه مستدركاً أبياته الركيكة الزاخرة بالوضاعة قائلاً: "جيش عزيز بس عاوز قيادة" (كما ورد فى جريدة الدستور فى 7 أبريل 2013).
ومغزى هذا الشعر الركيك الذى ألقاه هذا الدعىّ بأن الجماعة دفعته دفعاً لكى يهاجم الجيش وقياداته، غير أنه لم يدرك أنه بهذا قد أدخل نفسه وقادة جماعة الإخوان المسلمين إلى "مصيدة الفئران"! لأن قادة القوات المسلحة لن يقبلوا أبداً أن يهان الجيش أو توجه له الاتهامات الباطلة مع أنه – كما سجل التاريخ- درع الوطن وسيفه.
لقد أدخل هذا الشاعر الركيك نفسه فى الواقع طائعاً مختاراً إلى مصيدة الفئران التى نصبها الشعب لقادة الجماعة لسببين، الأول لحماقتهم الشديدة والثانى لفشلهم التاريخى الذريع.
eyassin@ahram.org.eg