عن المشروع الإيرانى والمعلبات الثقافية
عندما كنت منضويا فى صفوف الإخوان، سألت الأخ المسئول: من أين نستقى الفقه؟! فكان الرد: من أى كتاب فقهى فى المكتبة.. وبعد ثلاثين عاما سمعت ردا مشابها على سؤال: ما هو مشروعكم الفكرى؟ من أى بحث فى المكتبة!!.
من (أى مصدر وكيفما اتفق) يستقى الإخوان السابقون أو اللاحقون أفكارهم؟!. إنه نفس الجواب.. لو كان هذا جوابا.
يلقى الدكتور محمد حبيب فى مقاله عن (المشروع الإيرانى) بعض الضوء على هذا المشروع (على طريقة المعلبات الثقافية سابقة التجهيز) مستندا للدكتور أحمد عبد الفتاح الذى استند بدوره لما أسماه (المؤلف القيم) للمدعو (موسى الموسوى)، زاريا على الشيعة اعتمادهم للمبادئ التالية (النص والوصية، التقية، عصمة الإمام، المهدية) كأسس للفكر السياسى!!.
لو كلف الدكتور حبيب نفسه أن يبحث عن هذه العناوين فى كتب الحديث لاكتشف أن هذه المبادئ مدرجة فى كتب المسلمين على اختلاف مشاربها ومذاهبها، عندما تستند إلى كتب الحديث يصبح الإخوان والسلفيون قرآنيين منكرين لحجية السنة، فإذا ذهب الخوف قاموا بتكفير القرآنيين!!.
أحد هذه المبادئ السياسية المزعومة: (التقية) نراه فى (البخارى) وهو الكتاب الذى ملأ القوم الدنيا ضجيجا بصحته التى تضاهى صحة القرآن الكريم.
كتاب الإكراه: قال تعالى {إلا أن تتقوا منهم تقاة} وهى تقيَّة، وقال الحسن: التقيَّة إلى يوم القيامة.
أما مبدأ النص والوصية، فقد غصت الكتب بالنصوص التى يؤمن شيعة أهل بيت النبوة أنها وصية صريحة بولاية أمير المؤمنين على بن أبى طالب وإمامته ويجتهد خصومهم فى إنكارها أو التخفيف من وقعها ومن بينها ما رواه النسائى فى الخصائص: عن زيد بن أرقم قال لما رجع رسول الله من حجة الوداع ونزل غدير خم ثم قال كأنى قد دعيت فأجبت وإنى قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتى أهل بيتى فانظروا كيف تخلفونى فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض، ثم قال إن الله مولاى وأنا ولى كل مؤمن ثم أخذ بيد على فقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
طبعا ليس هذا هو السند الوحيد لأحاديث النص والوصية، فهو موجود بعشرات الأسانيد التى لو كلف الدكتور محمد حبيب نفسه بالبحث عنها لعثر عليها وللزم الصمت وعذر الشيعة بتشيعهم كونهم لم يخترعوا شيئا، مثلما عذرناه نحن بأخونته ثم خروجه منهم كون هذه الثقافة وحدها هى المسموح بعرضها وتداولها على أرفف ثقافة المعلبات أو معلبات الثقافة التى انتهى عمرها منذ مئات السنين وبات واضحا أنها مجرد وصفة للموت البطيئ وأحيانا السريع.