متى يعتذر البرلمان لجامعة المنصورة!؟
جلست أمام شاشة cbc أول أمس أشاهد علماء زراعة الكبد بجامعة المنصورة، في ضيافة الإعلامية منى الشاذلي، وهم يتحدثون عن الإنجاز الذي يصل إلى الإعجاز في زراعة الكبد، وعن قصص النجاح العظيمة التي نسجت خيوطها في منتهى الصمت وبعيدًا عن أي صخب إعلامي، أعضاء الفريق أكدوا أن هذا النجاح ما كان يتحقق بدون مساندة قوية من إدارة الجامعة وكلية الطب.
لأنه إنجاز يلزمه مناخ من الاستقرار والتعاون والعمل الجاد والإخلاص ليس فقط اليوم، ولكن منذ بدايته قبل 12 عامًا، فهو نجاح تراكمي، وأنا أشاهد البرنامج فجأة انقسمت شاشة التليفزيون أمام عيني إلى نصفين، الأول منى الشاذلي مع علماء زراعة الكبد وقصة النجاح المبهرة، والنصف الثاني لاجتماع لجنة التعليم في مجلس النواب وهى تشوه في سمعة جامعة المنصورة، وتتهم رئيسها بالتستر على الفساد، ومستشفياتها بالإهمال وسرقة الأبحاث العلمية.
منى الشاذلي قالت كلام محترم في حق جامعة المنصورة، كاد يبكيني وطلبت من ضيوفها استغلال منبرها لدعوة أهل الخير بالتبرع لدعم منظومة النجاح في المنصورة واستمرارها، وفي نصف الشاشة الآخر لجنة التعليم تستمع إلى مدرس فاشل سجله الوظيفي كله جزاءات تاديبية، ومحام مفصول من الجامعة لسوء سلوكه، وتمنحهما منبرها لمدة 3 ساعات لتشويه الجامعة، وفي الغرفة المجاورة للجنة يجلس 7 من قيادات الجامعة، ومن أفضل ما أنجبت مصر، ولا يسمح لهم بالحضور والدفاع عن سمعتهم وسمعة جامعتهم.
منى الشاذلي تستضيف العلماء لإعطاء صورة مشرفة عن مصر، ولجنة التعليم تستضيف الفاشلين لإطفاء الشمعة المنورة، ثم تصدر توصية لم تحدث في تاريخ مصر، وهى عزل رئيس الجامعة المحترم من منصبه، ما فعلته منى الشاذلي تستحق عليه المحاكمة في البرلمان، لأنها سمحت لضيوفها بالثناء على رئيس جامعة أوصى البرلمان بإقالته.
جامعة المنصورة الأولى محليًا والرابعة عالميًا في زراعة الأعضاء، ويتعلم فيها 5 آلاف طالب أجنبي يدفعون للدولة 25 مليون دولار سنويًا، من المؤكد أن التشهير بسمعتها يوميًا في البرلمان والإعلام سوف يضر باقتصاد البلد، ونحن مع حق النواب في ممارسة دورهم الرقابي، واستخدام الأدوات البرلمانية ولكن للصالح العام فقط.
الدول المحترمة فيها جريمة نكراء اسمها إساءة استخدام السلطة، وعقوبتها تجريد المسئول من سلطته إذا ثبت استخدامها في تصفية حسابات أو لمصالح شخصية، بالأمس أكد المجلس الأعلى للجامعات عدم وجود أي مخالفة قانونية لدى جامعة المنصورة، وهذا يؤكد أن المصالح الشخصية وتصفية الحسابات كانت السبب في تشويه الجامعة ورئيسها، وبالتالي يجب إحالة المسئولين عن ذلك إلى لجنة القيم، ثم تقديم اعتذار رسمي لجامعة المنصورة وأساتذتها وعلمائها.
هذه ليست بدعة، فقد فعلها مؤخرًا رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان واعتذر رسميًا للدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، بعد أن اتهمها بالفشل ومطالبًا بإقالتها، ولكنه تراجع عن خطئه واعتذر وهذا لا يعيبه بل الرجوع للحق فضيلة، ونائب البرلمان يصيب ويخطئ وليس على رأسه ريشة وحصانته البرلمانية للصالح العام وليس لتشويه الشرفاء.
من المؤكد أن جامعة المنصورة بها مشكلات مثل كل الجامعات، بل مصر كلها مشكلات، ولكن هل كانت تجرؤ لجنة التعليم في البرلمان اتخاذ هذا الموقف مع أي رئيس جامعة آخر، بالطبع لم ولن تستطيع، وهذا يؤكد أن الحكاية كلها تصفية حسابات ومصالح شخصية.
ولهذا وجب الاعتذار لجامعة المنصورة، أحد دعائم التعليم العالي والبحث العلمي المتقدم في مصر، كما وصفها أمس بيان المجلس الأعلى للجامعات.
egypt1967@yahoo.com