رئيس التحرير
عصام كامل

الربيع العربى


إن مصطلح الربيع العربى لم يعد له معنى فى الوقت الراهن، والفترة التى تعيشها المنطقة حالياً لا علاقة لها بالربيع على الإطلاق، كما أن مصطلح الصحوة العربية لم يعد ينطبق على الأوضاع الحالية فى الشرق الأوسط.‏


وأتفق مع الخبير الاستراتيجى أنتونى كوردسمان فى قوله إنه من الأفضل أن نسمى الربيع العربى "العقد العربى" أو "ربع القرن العربى"، والذى يعكس حالة إقليمية من عدم الاستقرار إذ يمتزج الصراع من أجل مستقبل الإسلام مع مستقبل الفرد فى العالم العربى، ليشكلا صراعاً بين الحضارات.

إن الربيع العربى فى بداية ظهوره كانت مقارنته بسقوط جدار برلين تبدو سهلة، بيد أنه تبين أن المقارنة الصحيحة هى مع حرب القرن السابع عشر التى استمرت 30 عاماً، والتى كانت عبارة عن خليط مروع من الصراع السياسى والدينى تمخض عنه بالتدريج نظام جديد.

إن أمريكا لم تدفع باتجاه الربيع العربى، ولم تحاول أن توقفه، والثورات بدأت بمطالب حماسية وشجاعة لنيل الحرية من قبل الشباب العربى الذى استغل الأدوات المتاحة له فى تحقيق الحرية وخلق عالم يستطيع أن يعيش فيه الجميع ويظهرون به قدراتهم الكاملة، إلا أنه وجد نفسه فى صراع ما بين أن تكون بلاده أكثر إسلامية أو أكثر طائفية مع محاولات البعض لاستعادة النظام السابق.

ولا أخفى دهشتى من عدم كفاءة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، والتى أدت حكومتها إلى تردى الأوضاع الاقتصادية فى البلاد، حيث إن جماعة الإخوان تسعى للاستيلاء على مزيد من السلطات، الأمر الذى حرمها من القاعدة العريضة التى تحتاجها لإجراء إصلاحات اقتصادية.

والمفاجأة الثانية هى ضعف المعارضة الديمقراطية المتمثل فى مأساة يسار الوسط العربى، وهو ما يعبر عنه مارك لينش الخبير فى شئون الشرق الأوسط فى جامعة جورج واشنطن والتى يرى فيها أن الكثير من العلمانيين الموالين للغرب والذين يمكن أن يقودوا أحزاباً جديدة يعانون من عدم ثقة الشعب فيهم على خلفية علاقاتهم بالأنظمة السابقة.

كما يرى لينش أن الإخوان ومنذ وصولهم إلى سدة الحكم فشلوا اقتصادياً وأدوا إلى حدوث انهيار سياسى، وفقدوا فكرة تمثيل الوسط بالإضافة إلى خلافهم مع السلفيين وتراجع شعبيتهم، فلا توجد فرصة لديهم للفوز فى انتخابات نزيهة.

وبالتالى يجب أن تبدأ المعارضة العمل بجد ولا تقاطع الانتخابات، فموضوع الانتظار على الانتخابات حتى يتم بناء مجتمع مدنى معتدل أثبت عدم نجاحه، على حد قول لينش، فالمعارضة لن تصبح مؤثرة وفعالة فى السياسية المصرية دون المنافسة وتحقيق الفوز والخسارة فى الانتخابات.

إن أيام حكم البلدان العربية بقبضة حديدية كما كان الحال فى الماضى قد ولت، فالشعوب لم تعد تخشى شيئاً كما كان عليه الحال فى الماضى، والحكومات التى انتخبت لأول مرة بقيادة الإخوان المسلمين لديها أفكار خاطئة، فضلاً عن أن استخدم الدين فى السياسية ليس الحل، ولكن الحل هو التنمية البشرية للشعوب.

إلا أن المشكلة تكمن فى أن المعارضين الديمقراطيين الشباب ليس لديهم قادة يمكنهم حشد الناس حول رؤيتهم، ومن هنا يجب دعم من يريد تنفيذ التنمية البشرية العربية ومعارضة من لا يفعل ذلك، وذلك متى أرادت المجتمعات العربية وجود جيل جديد من القادة الشباب الذين يمكنهم تحقيق النجاح.
• نقلاً عن نيويورك تايمز
الجريدة الرسمية