مصر وأمريكا صداقة أم مصلحة؟!
أمريكا هي القوى العظمى في العالم، وهذا واقع لا يمكن إنكاره، وسوف تظل كذلك على الأقل لسنوات كثيرة قادمة، ما لم تظهر دول أخرى (الصين مثلا) تعيد ميزان القوى، وخلال السنوات السبع الماضية شهدت العلاقات المصرية الأمريكية توترا غير مسبوق، ومن هنا تأتي أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن الأسبوع القادم لإعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي..
ويجب الاعتراف بأن المصلحة هي أساس العلاقات الدولية، ويحكمها مبدأ شهير "لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة ولكن توجد مصلحة دائمة"، وللأمانة هذا المبدأ حاليا أصبح يتحكم أيضا في العلاقات الشخصية للمواطنين وحتى بين الأشقاء من أب وأم.
عودة إلى زيارة الرئيس المرتقبة لواشنطن، ماذا تريد مصر من أمريكا على المستوى الاقتصادي تحديدا؟
مطلوب شراكة اقتصادية حقيقية وفق احتياجات الشعب المصري وأولويات برنامج الإصلاح الاقتصادي، ويجب أن يكون على أجندة الزيارة المساعدات الاقتصادية (المنح والتمويلات الميسرة) وأيضا البعد الاستثماري والشراكة مع القطاع الخاص في ظل هيمنة أمريكا على كبريات مؤسسات التمويل والبنوك الاستثمارية.
الشراكة المصرية الأمريكية يجب أن تكون أيضا على أساس احترام سيادة الدولة المصرية، وحماية أمنها القومي، وأن يتم توجيه كافة المساعدات الأمريكية للبرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية.
مصر تعلم جيدا أن الاستثمار هو قضية حياة أو موت، فأنشئت المجلس الأعلى الاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية شخصيا لإزالة كل عقبات ومعوقات الاستثمار، وأيضا اهتمت بالبنية الأساسية، حيث شهدت البلد مؤخرا طفرة في إنشاء الطرق والكباري والإسكان ومحطات كهرباء واكتشافات جديدة في الغاز والبترول بالإضافة إلى قناة السويس الجديدة وحفر أنفاق تحت القناة..
الدولة أنفقت مئات المليارات على هذه البنية الأساسية من أجل جذب استثمارات محلية وأجنبية، ثم جاءت الخطوة الأخيرة بدمج وزارتي التعاون الدولي والاستثمار لتوحيد جهة التعامل مع المستثمرين، وتوجيه المنح والمساعدات لدعم أغراض التنمية المستدامة.
ولأن الاستثمار مناخ وليس قانونا والمستثمر الأجنبي لن يأتي إذا كان نظيره المصري يعاني و"طالع روحه"، لذلك قررت د. سحر نصر بعد توليها حقيبة الاستثمار فتح القضايا الشائكة في هذا الملف المهم، مثل إنهاء كل مشكلات الاستثمار المتراكمة أمام لجان فض المنازعات منذ سنوات طويلة، وكذلك سرعة تنفيذ قراراتها من أجل استقرار الأوضاع القانونية واستعادة هيبة الدولة، وكذلك فتح ملف المناطق الاستثمارية المنتشرة على مستوى الجمهورية والتي أنفقت عليها الدولة المليارات ولم تحقق كامل أهدافها..
وزيرة الاستثمار تحاول تهيئة مناخ الاستثمار والبيئة الجاذبة له حتى يكون هذا ملفا في جدول لقاء الرئيس السيسي مع نظيره الأمريكي ترامب الذي يأتي من خلفية اقتصادية هو وبعض أعضاء حزبه صاحب الأغلبية البرلمانية في الكونجرس، وهي فرصة لمزيد من التعاون الاقتصادي بين البلدين..
العلاقات المصرية الأمريكية ضرورية لاستقرار المنطقة، الصداقة وحدها لا تكفي ولا بد من مصلحة حقيقية متبادلة يستفيد منها الشعبين، ومصر لديها فرص استثمارية واعدة وجاذبة للأجانب، ولكن يجب الاعتراف بأن المشكلة ما زالت لدينا نحن وان تعامل المؤسسات مع المستثمرين غاية في الصعوبة، وهذا ما تحاول الدولة علاجه حاليا من خلال قانون الاستثمار الجديد، وإتاحة الفرصة لشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وأيضا تغيير نظرة المجتمع للمستثمرين.
egypt1967@yahoo.com