رئيس التحرير
عصام كامل

مصطفى أمين يكتب: مات أجمل طيور الربيع

مصطفى أمين و المطرب
مصطفى أمين و المطرب الراحل عبدالحليم

في عموده فكرة يوم وفاة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ 30 مارس 1977 كتب مصطفى أمين مقالا قال فيه:
ذات يوم أعطيت إجازة إجبارية من عملي في أخبار اليوم وحددت إقامتي في بيتي، وكان عبد الحليم حافظ يزورني كل مساء ويبقى عندي إلى ساعة متأخرة من الليل، وقال لي أطباؤه إنه يجب ألا يسهر فكنت أصر على أن ينصرف عند منتصف الليل، وكان يعارض قبل أن ينصرف إلى بيته فألح عليه، وقال إنه يكره أن يضع رأسه على الوسادة لأنه حينئذ يشعر أنه لن يقوم ثانية ولهذا لا يدخل إلى السرير إلا إذا أصبح عاجزا عن أن يقف على قدميه.

هذا الشعور باقتراب الموت كان يسيطر على حليم، وكان يخفيه عن أقرب الناس إليه حتى لا يزعجهم، كان يقاوم الموت بشجاعة مذهلة، فلا يكاد يفتح عينيه بعد إغماءة طويلة إلا ويفكر في لحن أو فيلم جديد.

عرفته في بداية حياته شابا يخطو خطواته الأولى، ولم يكن الطريق سهلا بل كان مليئا بالصخور والأهوال، ثم رأيته يبكي على كتفي والسكاكين تغمد في ظهره لكنه لم ييأس ولم يتراجع، بل مضى يشق طريقه بدمه ودموعه وعرقه وصحته وعناده وصبره.

وصل إلى القمة وهبت عليه الأعاصير والزوابع وتشبث مكانه ودافع عن مجده، بل حاور وناور وتقدم وتأخر واستطاع أن يصعد من قمة إلى قمة.

أعرف عبد الحليم حافظ منذ سنوات طويلة عاشها محروما من أن يأكل ما يتمنى.. مسجونا داخل زجاجة دواء، أقراص الأدوية لا تفارقه ليل أو نهار.. أعرفه يبتسم ويضحك ودمه ينزف وجسمه يتمزق.. هو أقوى من المرض لكن أضعف من الموت.

منذ شهرين علمت من أطباء لندن أن صحته انهارت وأنه لا أمل في حياته وطلب أن ينشر نبأ انهيار صحته في الصفحة الأولى بأخبار اليوم، وإذا ببعض الصحف العربية تحسده على مرضه كما حسدته على المجد، فتكتب وتؤكد بأنه ليس مريضا وإنما هي دعاية لأغنية الربيع التي سيغنيها.. وجاء الربيع ليموت أجمل طيور الربيع.
الجريدة الرسمية