رئيس التحرير
عصام كامل

صلوا من أجل القمة ٢٨

فيتو

قمة عربية جديدة تعقد بالعاصمة الأردنية عمان، وسط توقعات بالفشل الذريع لها، وذلك وفق تأكيدات خبراء في السياسة ودبلوماسيين متخصصين في الشأن العربي، أشاروا إلى أن القمة تقام وسط واقع متأزم بين الدول العربية، واصفين الجامعة العربية بأنها قد ماتت إكلينيكيًا وتنتظر الصلاة عليها، مؤكدين –في الوقت ذاته- أن القمة العربية التي تحمل الرقم ٢٨ ستواجه مصيرها المحتوم وهو الفشل والضعف والمزيد من الأزمات.


من جانبه قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق: إننا لا نملك إلا أن نصلى من أجل هذه القمة والجامعة العربية، فالأمر يشبه الصلاة على الميت، فالجامعة العربية ماتت منذ فترة طويلة، وينبغى للقادة العرب أن ينتبهوا لهذه الحقيقة، ويكتشفوا أن العيب ليس في الجامعة، لكن في الأنظمة نفسها، التي تمثل الجامعة العربية.

وأضاف: لو نظرنا إلى كيانات أخرى كمنظمة الوحدة الأفريقية نجد أنها تصل إلى قرارات مهمة، ولها هيئات ولجان تعمل لأجل ذلك، ولديها قرارات ملزمة، حتى أن قرار تجميد عضوية مصر، وهى الدولة المؤسسة للمنظمة قد اتخذ ورأت أن المنظمة لديها قوة وصلاحية اتخاذ القرار، الذي كان مُلزما للدول الأعضاء.

الظرف العربى الحالى لا يعطى أي أمل في أن تتوصل هذه القمة لأى نتائج ذات قيمة، حسبما قال السفير «معصوم»، مقترحا أن يصدر الإعلان الرسمى عن انتهاء الجامعة العربية كمنظمة إقليمية أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية، ولمواجهة النظام الجديد، على العرب أن يدعوا لاجتماع تأسيسى، يتم فيه الاتفاق على نظام إقليمى، به مواصفات جديدة، تشبه النظام الأساسى للاتحاد الأفريقي.

وقال: إن إعلان النظام الإقليمى الجديد سيكون أجدى من الاستمرار بالضحك على أنفسنا، بأن لدينا نظاما إقليميا عربيا وهو لا يفعل شيئا، بل كان السجادة الحمراء التي دخل عليها الغزاة للعراق وليبيا وغيرها.

وتابع: الجامعة أصبحت جثة هامدة بالقاهرة، والمفروض أن نحدد موعدًا لدفن الجثة، ونقوم بعمل تنظيم جديد بمعايير جديدة، سيكون فيه التصويت بالأغلبية على الموضوعات المهمة، ويكون فيه تنسيق فعال ومنتج بشكل حقيقي، وليس قرارا للمزاج، يؤخذ أو لا يؤخذ به، ويكون المجتمعون العرب يعلمون جيدًا أن النظام ملزم للدول الأعضاء، حتى لو ضم فقط 10 دول، فإذا نجح فسينضم الباقون.

كما أشار إلى أن الدول العربية الآن في حالة سيولة غير عادية، وكل الأوضاع العربية في حالة تجمد، وذلك يعود إلى أن مؤسسة الدول العربية ليس بها نظام أساسى مُلزم لهؤلاء، كما في الأمم المتحدة، حيث توجد التزامات محددة على الدول الأعضاء، وبالتالى لن يستطيع أحد التنصل.

وقال: قمم الدول العربية مثل “قعدة عرب”، يقومون بوضع جُمل ما، وإزاحة أخرى عن محاضر الجلسات، حتى إننا نجد القرارات التي تصدر عن القمم العربية من الجامعة منذ 50 عامًا مضت، تحوى نفس الكلام المكرر، كما في “اتفق المجتمعون على أن يكون هناك تعاون اقتصادى وأن يصلوا لإجراءات...”، حيث يمكن أن نتوقع حاليًا البيان الختامى الذي يمكن أن يصدر عن القمة العربية.

بدوره، قال الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس: القمة العربية هي قمة زيادة الأزمات وليست حلها، وذلك يعود إلى أن الأزمات العربية كثيرة، والدول العربية الفاعلة في النظام العربى تسهم في هدم النظام العربي.

وأضاف قائلًا: ليست هناك إرادة سياسية لدى الأطراف الفاعلة في النظام العربى، لأن يتطور العمل العربى المشترك للأفضل، كما أننا أمام واقع صعب، فمثلًا هناك ضربات موجهة من بعض الدول العربية لدول أخرى، كما في السعودية واليمن وسوريا وليبيا، فكيف يتم قبول مثل ذلك في النظام الإقليمى العربي؟

وأكد “زهران” أنه عندما طرحت مصر تشكيل قوات عربية مشتركة، لمواجهة التأزم الذي يحدث، نجد أن السعودية أول دولة قامت بإفساد ذلك الاقتراح، وأكمل بقوله: إن هناك انقساما في الواقع العربى، واستقطابا لبعض الدول المالكة للثروة تلعب دورا في تخريب البلاد العربية، وتلعب دورا في تقسيم الدول، فمثلًا قطر لديها ثروات بدلا من أن تستخدمها في مساعدة الشعوب العربية، نجدها توظف ثرواتها في دعم الخلافات العربية- عربية، حيث نجد أن هناك دعما لإثيوبيا ضد مصر من قبل قطر والسعودية أيضًا.

“كرسى سوريا الخالى في القمة العربية بالأردن، كان هناك عدد من الدول العربية تريد أن يجلس على هذا المقعد بعض الفصائل الإرهابية الداعمين لها”، وفقا لقول جمال زهران، مؤكدًا أن القمة العربية لن تنجح في ظل ذلك الواقع المتأزم، ووصفها بأنها “تحصيل حاصل”.

وأكد أن الواقع العربى من المفروض أن يزداد قوة مع كل قمة عربية، وبالرغم من أن الشعوب العربية كانت مع كل وضع متأزم في السابق تطالب بعقد قمة عربية طارئة، لكن الآن الشعوب العربية -مع ضعف قرارات القمم العربية- لم تعُد تطالب بعقد قمم عربية، وذلك يعود لانفصال القادة عن الشعوب.

وأطلق جمال زهران على القمة العربية مصطلح “قمة التنازلات”، مبررًا الأمر بأنه كل عام يحدث هناك تنازل، وقال: “السعودية تريد الآن الدخول في معاهدة كامب ديفيد، وتصر على الحصول على الجزيرتين”.

“زهران” أنهى حديثه بقوله: الوضع العربى يشير إلى أن القمة العربية المقبلة لا يمكن أن تكون قمة ناجحة، أو تحرز نجاحا أو تقدما، فهذه القمة لن تأتى بنتيجة جديدة، ووصفها بإعادة تحصيل حاصل، وإعادة لإنتاج الواقع المتأزم، وقراراتها لن تكون مجدية لعدم وجود حد أدنى للعمل العربى المشترك، وبالتالى فالقمة فاشلة مقدما.
الجريدة الرسمية