رئيس التحرير
عصام كامل

«محطة» عبث لا ينتهي لحكومة لا تستحي


تعلمنا من الحديث الشريف أن الحياء فضيلة وإحدى شعب الإيمان، لكن الله ابتلانا بحكومة ليس لديها شيء من الحياء أو من أساليب الإدارة الحديثة!!.


لا نسمع إلا عن اجتماعات شريف إسماعيل رئيس الوزراء، التي لا تنتهي، وأنه يتلقى تقارير وخطط من الوزراء عن ماذا لا نعرف، وماذا يقر منها أو يرفض لا نعرف أيضًا، والنتيجة خيبة وفشل متواصلين، وحالة غليان شعبي تزداد مع معاناة المواطنين من نار أسعار تلهب جيوبهم، وأتت على الأخضر واليابس، وبات الكل يشكو غنيًا وفقيرًا، وبدلًا من أن "تستحي" الحكومة وتفرض سيطرتها على الأسواق وتظهر "العين الحمراء" للتجار، وتسعى للحد من الجشع، الذي ينذر بعواقب وخيمة، لم تكتفِ بقرار "تعويم عملة" غير مدروس وسعي محموم للاقتراض من الخارج، بل سلكت الطريق السهل، الذي قصم ظهور المواطنين بفرض ضريبة القيمة المضافة، ورسوم المرور على الطرق وتخفيض الدعم على الطاقة، وزيادة سعر الكهرباء والبوتاجاز والغاز الطبيعي والبنزين والسولار وغيرها الكثير، دون أن يكون لديها أية إجراءات لتخفيف آثار تحرير سعر الصرف على كاهل الشعب!!.

مشكلة شريف إسماعيل في اقتناعه بأنه رئيس حكومة "إصلاحي"، وأن إجراءاته وطارق عامر ستحل مشكلات مصر الاقتصادية، وكأنهما لا يعرفا حجم الخراب الذي حل بالبلد من سياسات فاشلة!!.. صحيح أن الاحتياطي النقدي زاد، لكن انهار معه كل شيء، ولم يعد بمقدور المواطن تدبير قوت يومه، ووقفت الحكومة عاجزة عن التصرف، واكتفى إسماعيل باجتماعات بلا نتيجة!!.

كنا ننتظر من حكومة إسماعيل "بعد التعديل" أن تتحلى بشيء من "الحياء"، وتخفف عن الشعب، فإذا بحملة إعلامية عن خسائر مترو الأنفاق، وأن الهيئة عاجزة عن تسديد الديون، وفي حال توقفه عن العمل ستتعطل مصالح ملايين المواطنين، الذين سيتكبدون أضعافًا مضاعفة لما يدفعونه في تذكرة مترو الأنفاق.. هذه الحملة مهدت لرفع سعر التذكرة 100%، ومارست الحكومة "الخبث المعتاد" بإعلان القرار في عطلة نهاية الأسبوع، لامتصاص الغضب وضرب أكثر من عصفور بحجر واحد!!.

لم تأبه الحكومة بالاستياء العام والغضب الشعبي من مضاعفة سعر تذكرة مترو الأنفاق، بل جعلت المتحدث باسم هيئة مترو الأنفاق يدلي بتصريح أكثر استفزازًا عن "إعادة النظر في رفع سعر تذكرة المترو مرة أخرى، بعد تشغيل الخط الثالث كاملًا تبدأ بـ 2 جنيه، ويتم تقسيم التذكرة حسب المسافة"، ما يعني زيادة جديدة في أسعار التذاكر، كما نشرت تقارير تقارن بين أسعار التذاكر في مترو أنفاق مصر ومثيلاتها في العالم، متجاهلة أن الرواتب في مصر تعتبر بين الأدنى في العالم، وأسعار السلع تزيد عن أسعار دول يتقاضى شعبها رواتب تعد الأعلى عالميًا إلى جانب مزايا ودعومات كثيرة جدًا، وعليه فالمقارنة هنا لا تجوز من الأساس!!.

أما وزير النقل الذي بدأ عهده بمضاعفة سعر تذاكر أهم وسيلة نقل في البلد، محملًا الفقراء مسئولية تسديد ديون هيئة الأنفاق، فكان حريا به أن يسدد الديون من إيرادات المترو، ويقلل مثلا من الأرباح والمكافآت الكبيرة التي تصرف لجميع المسؤولين بلا حساب، ويبتكر وسائل لزيادة الدخل واستفادة قصوى من محطات المترو وإعلانات العربات وتأجير الأكشاك والمحال، وإعلانات أخرى بطول الطرق التي يمر عليها المترو، وهى مساحات شاسعة يمكنه الاستفادة منها بوسائل عدة تدر عليه مبالغ طائلة، ولا ننسى أن بعض الدراسات الرسمية التي نشرتها أجهزة الدولة أثبتت أن هيئة الأنفاق تحقق أرباحًا ولا تخسر، وإلا كيف مثلًا يحصل سائق مترو الأنفاق على راتب بالآلاف إن لم تكن الهيئة تحقق أرباحًا، والأهم من هذا كله عليه سد منافذ الفساد في الهيئة والتخلص من رءوسه، فلم يعد خافيًا أن الفساد آفة البلد!!.

زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق، حتى وإن كانت مستحقة، هى في الحقيقة "محطة" من محطات "عبث" وفشل حكومي لا ينتهي!!.. كل حكومات العالم تجتهد للتخفيف عن مواطنيها، إلا حكومة شريف إسماعيل التي تثبت يوميًا استهانة غير مسبوقة بالشعب وإصرار على تحميل الفقراء ومحدودي الدخل فاتورة سد العجز في الموازنة العامة للدولة، وفشل الحكومة في إيجاد البدائل، وأولها التهرب الضريبي وإدارة الموارد المتاحة، وعليه تخلت حكومة إسماعيل صراحة عن دورها الاجتماعي تجاه الشعب.
الجريدة الرسمية