رئيس التحرير
عصام كامل

هل تحتاج مصر لهيئة تنفيذية لمواجهة الجرائم؟


ازدادت الجرائم بشاعة في مصر، الأسبوع الأخير شهد جريمتين بشعتين لاغتصاب لطفلة وقطع يد شاب، ليس من الصعب على المتابع أن يكتشف ازدياد معدل الجريمة في مصر، خاصة جرائم القتل والجرائم المرتبطة بالعنف الجسدي، المجلس الأعلى للثقافة أقام منذ شهرين ندوة بعنوان "العنف في المجتمع المصري"، الندوة ناقشت العنف السياسي، والعنف ضد المرأة، والعنف الأسري.


الدكتور إكرام بدر الدين- أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال حينها إن هناك مظاهر كثيرة للعنف منها نظرية الحرمان الاقتصادي وتراجع الشرعية والضعف المؤسسي ومشكلة الهوية والتنمية.

ازدياد العنف أدى بدوره إلى ازدياد معدلات الجريمة بشكل عام، ثم إلى ازدياد معدلات جرائم العنف الجسدي وجرائم القتل، هناك أسباب متعددة لازدياد معدلات الجريمة في مصر، ورغم الإنذارات المتتالية للتقارير الصحفية لم يتحرك أحد، فجريدة البديل نشرت تقريرًا قبل ثلاثة أعوام ذكرت فيه على لسان خبراء أن "العنف في المجتمع المصري أصبح أسلوب حياة"، الدكتورة منال زكريا أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس، قالت في التقرير إن "الفقر والحرمان والظروف العامة التي عاشها المصريون سابقًا، وكلها أوجدت لديهم ما نسميه بالعنف المخزون، بما في ذلك درجة عالية من الإحباط وعدم القدرة على إشباع حاجاتهم، أي جعلتهم كـ“القنبلة”، وها نحن نشهد انفجار قنابل الجرائم، جريمة قطع يد شاب دليل على أن هناك مجموعات في المجتمع المصري استقرت على اعتماد قانون الغاب.

الدكتور بروس بيري المتخصص في تنمية العقل والأطفال خلال الأزمات، أجاب عن السؤال الخاص بأسباب انتشار العنف، وسأركز على ما يتعلق بأسباب انتشار الجرائم البشعة: أول هذه الأسباب، تفكك المجتمع وانهيار القيم المجتمعية عند أفراده، انتشار ثقافة الكراهية بين الأفراد وطبقات المجتمع هو سبب ثانِ لانتشار الجرائم البشعة. السبب الثالث لانتشار الجرائم البشعة يتعلق بوجود عدد كبير من الأشخاص أو المجرمين بعيدًا عن أيادي رجال الأمن، حتى إن بعضهم تعود على ممارسة القتل.

ما الحل للتقليل من جرائم البشعة في مصر والجرائم بشكل عام؟ لا أعتقد أن الندوات واللقاءات من شأنها أن تفعل شيًئا، فالخبراء ينظرون ويفندون الأسباب ولكن الندوات واللقاءات الثقافية والمحاضرات، تظل عاجزة عن مواجهة ازدياد الجرائم البشعة، تقدم الباحثة أنيلنا ميجيا، من جامعة كوينزلاند الإسترالية، حلًا فتقول إن الدول التي تعاني من مثل هذه الجرائم عليها أن تعالج العنف مثل تعالج الأمراض الصحة العامة التي تصيب المجتمع.

مع ازدياد معدلات الجرائم البشعة في مصر، هل اهتم أحد منا بمعرفة من الذي تقع عاتقه التقليل من الجرائم في مصر؟ ليست الحكومة بالتأكيد فهى حاليًا تزيد من الأعباء على المواطن، وهى غير منشغلة غالبًا– على الأقل حاليًا- بمثل هذه الجرائم، فجميع الجرائم عند بعض وزارات الحكومة هى مجرد أخطاء فردية، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية يتصدى للظواهر الاجتماعية والجنائية، ويرفع توصياته إلى جهات متعددة، لكن يبدو أن مصر محتاجة لهيئة تنفيذية للقيام بحملات مستمرة لمكافحة انتشار الجريمة والتدخل المبكر لمنعها.

فالجريمة أكثر فتكًا من مرض السرطان، لأنها تقتل دونما إنذار، وعدم اكتشافها يؤدي لاستمرار انتشارها، فمتى تشهد مصر هيئة تنفيذية لمكافحة الجرائم والتدخل المبكر لمنع وقوعها؟ الإجابة: لا أحد يعرف متى، لأن الظاهرة نفسها ليست ضمن اهتمامات الحكومة الحالية، أو الجهات المعنيّة.
الجريدة الرسمية