جرائم أردوغان في أرمينيا
في حواره مع وكالة الأنباء الإسبانية إي إف إي قال الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان إن أرمنيا تناضل ليس فقط للاعتراف العالمى بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد القوات التركية ولكن أيضًا تناضل ضد كل عمليات الإبادة أيًا كان موقعها وأصر الرئيس الأرمني على أن إنكار تركيا ما فعلته من مذابح جماعية ضد الأرمن وعدم العقاب على جريمة الإبادة التي تعرض لها الشعب الأرمني من شأنه أن يسهم في ولادة جرائم جديدة على المستوى الإنسانى.
وكان الرئيس الأرمنى حادًا في تناوله لمماطلة الأتراك في الاعتراف بما اتفقوا عليه وفق تفاوض دبلوماسى جرت وقائعه خلال عام ٢٠٠٨ م، وأسفر عن ثلاث وثائق لا تزال غير موقعة من الجانب التركى ورفض الرئيس الأرمنى شروط الأتراك لبناء علاقات مرتبطة بالجانب الأذربيجاني على أن أهم ما جاء في حوار الرئيس سيرج سركيسيان هو تأكيده أن الإصرار الأرمني على الاعتراف بالإبادة لا يهدف إلى قيادة هستيريا كراهية ضد الشعب التركى.
انتهى كلام الرئيس وما زلت أذكر أنني كنت أول مصري يعترف بمذابح الأتراك ضد الأرمن بعد عدة زيارات إلى دولة أرمنيا وزيارتى لمتحف الإبادة الذي يضم بين جنباته آلاف الوثائق التي جمعها عشرات الباحثين من كل أنحاء العالم واطلعت على أفلام وثائقية يندى لها جبين البشرية من تقتيل وخراب وحرق لأكثر من مليون ونصف المليون من الأرمن المسالمين في وقائع تاريخية أثبتها العالم كله واعترفت بها العديد من الدول ليضاف إلى سجل الأتراك مذابح يعد نكرانها من قبيل المشاركة فيها رغم مرور عشرات السنين.
لقد كان الأرمن ولا يزالون شعبًا مسالمًا.. متحضرًا.. صاحب عقيدة وتاريخ تليد.. أسهم هذا الشعب حضاريًا في كل أنحاء العالم ويكفى أن يكون سجل الأرمن المصريين مشرفًا في مجالات عدة من السياسة والاقتصاد والحرف والعمل المتواصل لإحياء الفنون وإتقان الحرف التي تحتاج إلى مهارات نادرة.
عانى هذا الشعب المسالم من ويلات القتل في فترات تاريخية كانوا فيها ضحايا القوة التركية الغاشمة حتى ولد جيل من الشباب والشيوخ أصروا على أن يكون الاعتراف العالمي بما جرى لهم على يد الأتراك هو قضيتهم القومية فأقاموا متحفًا إنسانيًا إذا ما دخله إنسان سيعرف كيف وصل الحال بالإنسانية على يد الأتراك في فترة تاريخية عصيبة تم تهجير الأرمن من بلادهم وبعثرتهم بين الأمم ومطاردتهم في بيوتهم وإحراق قرى بكاملها وممارسة القتل الجماعي ضد شبابها ونسائها وشيوخها في واحدة من أبشع جرائم الإنسان على الأرض.
المثير أن مصر التي عرفت بتاريخها وحضارتها في البناء وصناعة فجر للضمير الإنساني لا تزال أدواتها الدبلوماسية قاصرة في هذا الملف، إذ لا يجوز لدولة في حجم تاريخنا وإنجازاتنا الإنسانية أن نتوقف أكثر من ذلك ولا نعترف بما اعترفت به دول كثيرة أقل منا شأنًا في الدور الحضارى والإنسانى، وفي المقابل لا تزال تركيا تشجع مذابح الإخوان ضد أبنائنا في سيناء وغيرها.. لا تزال تركيا بديكتاتورها تدعم جماعة إرهابية تخطط للنيل منا ومن عزيمتنا ومن إرادتنا ومن استقلال قرارنا ومن وحدة أراضينا.
الخطاب موجه إلى وزير الخارجية سامح شكرى لإعداد مذكرة تعرض على البرلمان المصرى ليقول كلمة فصل في قضية إنسانية بالدرجة الأولى فإنكار المذابح يولد جرائم أخرى كما قال الرئيس سيرج سركيسيان، والصمت إزاء مذابح تاريخية ثابتة بالوثائق في كل أرشيفات الدنيا هو بمثابة مشاركة في الجرم، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.. لماذا ندعم أردوغان في الهرب من جرائم بلاده ضد الإنسانية؟ وكيف نطالب بمحاكمة قادة الدم في الكيان المحتل ونحن نبارك جرائم إبادة ثبت للجميع مدى بشاعتها؟!!