الفرنسية: «مبارك» الرئيس المخلوع الذي عاد حرا
سلطت وكالة الأنباء الفرنسية الضوء على إخلاء سبيل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بعد قضائه 6 سنوات في مستشفى المعادي العسكري.
وقالت الوكالة: من حاكم مطلق لمصر لثلاثين عاما إلى أول رئيس مصري يقدم للمحاكمة ويسجن إثر ثورة شعبية أطاحت به في العام 2011، عاد حسني مبارك (88 عاما) حرا بعد نحو ست سنوات من السجن أمضى معظمها في المستشفى العسكري.
ومطلع الشهر الجاري، حصل مبارك على حكم نهائي بالبراءة من تهم قتل المتظاهرين والفساد.
وكان اتهم بالتورط في قتل 850 متظاهرا أثناء الثورة الشعبية التي أسقطته في فبراير 2011 بعد 18 يوما من التظاهرات خصوصا في ميدان التحرير في القاهرة ضد نظامه الذي اتسم بقبضة بوليسية وشبهات الفساد.
وأوقف مبارك في أبريل 2011، ثم بدأت محاكمته في أغسطس من العام نفسه بتهم التواطؤ في قتل متظاهرين مناهضين له وبتهم الفساد.
ومع بداية محاكمته، دخل قفص الاتهام ممددا على محفة طبية تحت أنظار العالم والمصريين، لكن محاكمته بدأت تفقد الزخم والمتابعة مع تطورات صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم، ثم الإطاحة بهم على يد قائد الجيش السابق والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
وحكم على مبارك في يونيو 2012 بالسجن المؤبد (25 سنة) بعد إدانته بالتواطؤ في قتل مئات المتظاهرين المناهضين له خلال ثورة 2011 وبالفساد، لكن محكمة أعادت محاكمته برأته في نوفمبر 2014 من تهم بالفساد وخصوصا في صفقة بيع غاز طبيعي مصري لإسرائيل بأسعار أقل من السوق، وثبتت محكمة النقض ذلك في يونيو 2015.
وفي الثاني من مارس الجاري، أصدرت محكمة النقض حكما نهائيا غير قابل للطعن، ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين، ليوافق النائب العام بعدها بأيام على إخلاء سبيله مع ابقائه ممنوعا من السفر.
وكان مبارك قال في مداخلة نادرة خلال فترة توقيفه عبر الهاتف لبرنامج في محطة فضائية محلية تعليقا على الاتهامات بحقه في العام 2014 "انا لم أرتكب شيئا إطلاقا".
وقتل نحو 850 متظاهرا في مواجهات مع الشرطة عبر البلاد إبان الانتفاضة التي أطاحت مبارك الذي تنازل عن السلطة في 11 فبراير2011 وسلم السلطة للمجلس العسكري ثم غادر للإقامة في شرم الشيخ.
ورويدا رويدا، تحولت المشاعر السلبية في الشارع والإعلام تجاه مبارك وعصره إلى تعاطف مع الرجل الطاعن في السن إلى حنين إلى عهده الذي اتسم بالاستقرار الاقتصادي خصوصا مع تردي الأحوال الاقتصادية للمصريين بشكل حاد خلال السنين الماضية.
تحت ضغط الشارع آنذاك، وتم القبض على مبارك ونجليه علاء وجمال واحتجزوا في سجن طرة قبل إحالتهم للمحاكمة.
وعانى مبارك من اكتئاب حاد وصعوبة في التنفس ومشكلات قلبية وارتفاع في ضغط الدم، ونقل أكثر من مرة إلى المستشفى منذ إيداعه السجن وخصوصا بعد إصابته بجلطة دماغية في نهاية يونيو 2012 وسقوطه في الحمام في 19 ديسمبر من العام ذاته.
وفي ديسمبر 2012، نقل إلى مستشفى المعادي العسكري لإصابته بارتشاح في الرئة وكسور في الضلوع، ومنذ ذلك الحين لم تصدر أي معلومات تفصيلية عن حالته الصحية.
وفي مايو 2015، ثبتت محكمة مصرية حكما نهائيا بالسجن ثلاث سنوات على مبارك ونجليه بتهمة اختلاس أكثر من 10 ملايين يورو، كانت مخصصة لصيانة القصور الرئاسية.
وفتح الباب أمام تولي مبارك الرئاسة عند اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات على يد إسلاميين في العام 1981 حيث كان نائبا للرئيس في وقت لم يكن أحد يتوقع مستقبلا كبيرا لهذا الرجل الذي يفتقد إلى الكاريزما.
وذكر مقربون له أن أقصى أمانيه كانت أن يعين سفيرا لمصر في لندن بعد تقاعده من منصبه العسكري.
عرف عن مبارك أنه رجل براجماتي غير أنه فقد شيئا فشيئا صلته بالشعب وأصبح عنيدا ومتكبرا واعتمد على جهاز أمني مخيف وحزب يأتمر بأوامره ليحكم البلاد بشكل فردي طوال ثلاثين عاما.
ورغم كل الأجواء والاحتجاجات تمسك بمعاهدة السلام التي أبرمها سلفه مع إسرائيل عام 1979 وحرص على أن يظل ضمن ما عرف قبل الربيع العربي بمعسكر الاعتدال في العالم العربي فضمن تأييد الغرب لنظامه، وخصوصا الولايات المتحدة التي ظل حليفا لها على الدوام.
وظل مبارك بشعره الأسود المصبوغ وبنظرته التي كان يخفيها في غالب الأحيان خلف نظارات سوداء، وجها مألوفا في الاجتماعات الدولية على مدى سنين حكمه.
ورغم تصديه بقوة للجماعات الإسلامية المتطرفة، لم يتمكن مبارك من وقف تصاعد الإسلام السياسي الذي تجسده جماعة الإخوان المسلمين.
وأثر الإطاحة به من الحكم، تلقى مبارك نصائح ودعوات من دول عربية عدة لاستضافته بهدف تجنب ملاحقته قضائيا، لكنه أصر على البقاء في مصر حتى مع بدء مساعي محاكمته.
ولد محمد حسني مبارك في الرابع من مايو 1928 في عائلة من الطبقة الريفية المتوسطة في دلتا مصر، وصعد سلم الرتب العسكرية في الجيش إلى أن أصبح قائدا للقوات الجوية ثم نائبا للرئيس في أبريل 1975.
وخلال مسيرته الطويلة، تعرض لست محاولات اغتيال ما جعله يرفض رفع حالة طوارئ في البلاد على مدى توليه الحكم.
وقد غذى صعود نجم نجله الأصغر جمال القريب من أوساط رجال الأعمال، الشكوك بشأن عملية "توريث" للحكم خلال الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في سبتمبر 2011 ما أدى إلى احتجاج المعارضة.
ولمبارك ابن آخر هو علاء نجله البكر من زوجته سوزان ثابت التي كان يقال إن تأثيرها كان كبيرا على زوجها.