الإمام الأكبر: التاريخ لا يعرف نظاما كرم الأم مثل الإسلام.. بر الوالدين كنز يورث السعة في الرزق وطول الأجل.. والرءوس تنحني إجلالا وإكبارا لأم الشهيد
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الإسلام أقر حقوق الأم وكرمها وأعلى من شأنها ومكانتها، موضحًا أن التاريخ لا يعرف نظامًا كرم الأم مثل النظام الذي أقرته الشريعة الإسلامية، والتي جعلت بر الأم من أصول الفضائل.
وأضاف الإمام الأكبر، في مقاله الأسبوعي بجريدة "صوت الأزهر" الذي جاء بعنوان "فضل الأم"، أن الإحسان إلى الأم ورعايتها هو من باب بر الوالدين، الذي يقتضي الاهتمام بهما والعطف عليهما والأدب معهما والإحسان إليهما في القول والعمل، وخفض جناح الذل لهما.
فضل الأم
وأشار شيخ الأزهر، إلى أن فضل الأم يفوق فضل الأب، وحقوقها تفوق ثلاث مرات حقوق الأب، فقد جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أبوك".
وأضاف أن الأم حملت وتألمت وأرضعت وربت، وسهرت وتعبت، وهى سبب وجودنا في هذه الحياة، فلها الفضل بعد الخالق سبحانه وتعالي، لذلك ورد أن الأم إذا ماتت نادى منادِ من السماء: يا ابن آدم ماتت التي كنا نكرمك من أجلها فاعمل عملًا نكرمك من أجله.
معاناة الأم
وأوضح أن القرآن الكريم توقف كثيرًا عند معاناة الأم الزائدة، التي من أجلها تستحق من الابن أن يوقرها ويبرها؛ قال تعالى في سورة لقمان: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ"، وقال تعالى في سورة الأحقاف: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ".
وقال:"هذه الآيات توجب علينا جميعًا أن نتمسك بفضيلة بر الوالدين، وبالخلق الكريم في معاملة الأب والأم، وأن نعلم أن بر الوالدين كنزٌ يورث السعة في الرزق وطول الأجل.
بر الوالدين
وأضاف، أن الإحسان إلى الأم ورعايتها هو من باب بر الوالدين الذي يقتضي الاهتمام بهما والعطف عليهما والأدب معهما والإحسان إليهما في القول والعمل، وقد أوضح القرآن الكريم هذه المعاني فقد قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" ( الإسراء: 23 ).
وأكد أن من فرط الرحمة والأدب والاحترام معهما أمر الولد أن يخفض جناح الذل لهما، وهذا ليس ببعيد عن قول النبي – صلى الله عليه وسلم - لمعاوية بن جاهمة عندما أراد الغزو: أَأُمك حيّة؟" قال: نعم فقال - صلى الله عليه وسلم: الزم رجليها فإنّ الجنة تحت قدميها"، بأن يضع نفسه تحت أوامرها ونواهيها وكأنه بالنسبة إليها عبدٌ تأمره فيطيع.
أم الشهيد
وأشار إلى المنزلة العليا التي تتمتع بها أم الشهيد؛ قائلًا: "إننا ونحن نتذكر يوم الأم، الذي يوافق 21 مارس من كل عام، فإن الأزهر الشريف بجميع هيئاتِه العلميَّة والتعليميَّة يُقدِّم بين يدي أمِّ الشَّهيد أسمى معاني الاعتزاز والإجلال والإكبار، وأغلى مشاعر التقدير والاحترام، لمنزلتها العُليا ومقامها السَّامي في مدارج البطولة والتَّضحية، والصبر وإنكار الذَّات، والاعتلاء على مشاعر الحزن والألم".
هدايا الجنة
ووجه رسالة إلى أمهات الشهداء؛ قال فيها: "اعلمي أيَّتها الأم، التي تفقد حبيبها في هذه الذكرى أنَّ الله تعالى هو الذي يباركك ويُعدُّ لك من هدايا الجنَّة ومنازل الفردوس، ما يُحتقر إلى جوارِه ذهب الأرض ومتاعها القصير الفاني، ويكفيكِ شرفًا أنكِ قدمتِ فلذة كبدك بين يدي الله، في تسليمٍ ورضاء بقضائه وقدره، لما ينتظر للصابرين والمحتسبين ممَّا لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ، إنَّه إنْ كانت هناك اليوم أمٌّ تنحني لها الرءوس إجلالًا وإكبارًا فهى «أمُّ الشَّهيد» ولا فخر.