حديث عن الأخلاق
يقول سقراط: "التربية الخُلقية أهم للإنسان من خبزه وثوبه"، ويقول ماركس: "الأخلاق صنعها الضعفاء ليَحِدوا بها من سيطرة الأقوياء"، ويقول نيتشه: "إن الأخلاق صنعها الأقوياء ليُسيطروا بها على الضعفاء"، وهناك مثل فرنسى يقول: "من ولد بغلا لا يصبح حصانا"، وهناك مقولة تنطلق من العلوم الإنسانية إن "الإنسان أخلاقى بالفطرة" إذا وُجد في مجتمع سليم تنمو هذه الأخلاق ويكون لها ثمارها الطيبة، وإن نشأ في مجتمع غير سليم تموت الأخلاق التي وُلد عليها بالفطرة.
فهناك تباين واختلاف بين إذا ما كانت الأخلاق "مصنوعة أو مفطورة أو مكتسبة"؛ وهذه إشكالية كبيرة يبحث فيها الفلاسفة والمفكرون، بل قُتلت بحثًا بين المذاهب الفكرية المختلفة، وكيفية تطبيق القواعد الأخلاقية من مجتمع لآخر طبقًا للمعايير وطبقًا لثوابت المجتمع.
والإشكالية التي تطرح نفسها الآن في المجتمع هو الخلط بين الحرية في التعبير والقواعد الأخلاقية والقيم التي تربى عليه المجتمع في السابق ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى تأثر الأخلاق بموروثات قديمة لا شأن لها بالمجتمع المصرى ولا الهوية المصرية، بل هناك عامل آخر يزيد الأمر تعقيدًا ألا وهو كيف يحتفظ المجتمع المصرى بقيمه الأصيلة والتي هي جزء أصيل من هوية مصر التي مكونها الحضارة والتاريخ والثقافة والقيم والتقاليد والفن إلى غير ذلك من عناصر هوية مصر؟ وبصورة أوضح كيف يحتفظ المجتمع المصرى بكل ذلك مع الأخذ بأسباب التقدم في ظل العولمة ووسائل التواصل الاجتماعى والتأثيرات الإعلامية بنوعيها سواء السلبى أو الإيجابى ؟
إشكالية الاحتفاظ بالأخلاق وقيم المجتمع إشكالية تُطرح منذ زمن بعيد على أذهان الباحثين والفلاسفة ومن يهتمون بقضايا المجتمع اهتماما حقيقيا، وقد يعتقد القارئ أن دور الأخلاق يغدو ثانويًا ولكن الواقع أن للقيم الأخلاقية دورًا عند كل مفكر ثائر على سلبيات عصره بل إن للقيم الأخلاقية دورًا مهمًا في العلاقة بين الأفراد والمؤسسات للحفاظ على تماسك المجتمع ومبادئه، ومما لا شك فيه أن هناك تفاوتًا أساسيًا بين الأخلاق كما ينادى بها أو كما تظهر على السطح وبين الأخلاق كما تمارس بالفعل وهذا اسمه من وجهة نظرى تضاد بين الأخلاق الرسمية والأخلاق الفعلية داخل المجتمع الواحد، وهذا التضاد يزيد أو يقل بحسب مدى تطبيق القانون، وأطرح السؤال لمن يهمهم أمر مصر: هل هناك مشروع إصلاحى لاستعادة القيم.. وهل نتخلى عن المظهرية والشو الإعلامي ونركز على الجوهر دون الشكل أم نسير في مسار خطأ؟ مسار "كل شىء تمام يافندم".