رئيس التحرير
عصام كامل

اسلامنا «فالصو».. والإسلام الحق غائب!


نحن نظلم الشعب التايوانى كثيرا، عندما نتحدث بسخرية على المنتج السيىء أو المتواضع ونقول إنه "تايوانى" فيكفى أن الصناعة التايوانية تغزو العالم شرقا وغربا، ونحن نسخر منها بالرغم من الفشل الذي يحيط بنا، وكنت اخترت عنوانا "إسلامنا تايوانى" ولكنى خجلت وغيرته، واعتبرتها مناسبة لكى أؤكد أن مهارة الصانع التايوانى تغرق العالم ونحن نغرق في الجهل والتخلف.


غضب منى الكثيرون للقول بأننا أصبحنا أصحاب الرسالات السماوية أبعد ما يكون عن الدين الحق، ولا مجال للحديث عن أشياء تسىء للدين بالطبطبة، ولكن لابد من هدم كل ما يسىء لديننا الحنيف، أذكر أننى قرأت لإنسانة محجبة هذه الكلمات: "لاتعلمني الدين وأنت فاسد، ولا تحسب لي ذنوبي وأنت عاص، ولا تلبس الشرع وتشمئز من لباسي أنظر لفساد قلبك، ولاتنظر لعيوب الناس، بعضهن يخبئن عارهن بجلباب ونقاب"..

هذه الكلمات لا أذكر اين قرأتها، ولكن دائما تتردد داخلى من كثرة التصرفات الغريبة، التي تحدث ممن يتمسحون في الدين، سواء بنقاب أو لحية أو صلاة لا تمنعهم من الموبقات، حدث اليوم أن شابا- (أحسبه عند الله ملتزما بدون رياء أو نفاق مع المجتمع)- يعمل في أحد قطاعات الحكومة، وبحكم موقعه في الإدارة المالية والمراجعة، فوجئ بأن هناك طلبا المفروض يوافق عليه بجعل الشيكات بدلا من أن تكون باسم الشركة الاستشارية الكبرى لتصبح باسم أحد الشركاء، يقول الشاب: فوجئت بأن الجميع وافق بداية من نائب الوزير وحتى المدير العام! ويضيف: المشكلة أن الشريك الأساسى توفى منذ عدة أسابيع، وبالتالى هذا الإجراء يحرم ورثته من حقوقهم!.. الأمر الأعجب أن الشريك الذي جاء لهذا الأمر بما يخالف القانون والشرع، إنسان يدعى التدين ولا يسلم على السيدات لأنه حرام، ولا يترك فرضا! الشاب رفض مخالفة ضميره مع الله والقانون، وأوقف المهزلة التي تفضح اخلاق الجميع وخاصة هذا المدعى.

ونموذج آخر أحد وكلاء الوزراء دائما حريص على سجادة الصلاة، ولكن الرجل يضع يده على كتف السيدات مدعيا هذه أبوة، يمنع جهود هذا ويعطى هذا على حساب الصداقة والمحبة والذي منه، بل إنه لا مانع أن يمرر هذا هنا، وهذا هناك بغير حق، وعندما يتكلم تكتشف أمرين، الأول الجهل، والثانى كلمات معسولة أشبه بالسم في العسل، وبعد هذا يقوم للصلاة قبل أن تفوته!

ونموذج ثالث سيدة خريجة دار العلوم، تحفظ كثيرا من القرآن، وحريصة كل الحرص على الصلاة، والواقع يقول إنها أبعد ما تكون عن التدين، بكذبها والوقيعة بين الزملاء، وادعاء النقاء وهى نموذج كريه بين الجميع، النموذج الرابع حدث مع كاتب هذه السطور، عندما جاءت سيدة منتقبة لتطلب لقائى، فأبلغتها مديرة مكتبى بأننى لا أحب لقاء المنتقبات، فلو لديك أمر ممكن أن أساعدك فيه أو أعرضه عليه! قالت المنتقبة: أنا زميلة ومنقولة عندكم، أما النقاب فانزعه فورا!! لاتعليق!

كلماتى ليس معناه أن كل المنتقبات هكذا، أو كل من أطلق لحيته فاسد، ولكن علينا أن نعترف أن ما كتبته أصبح أشبه بالظاهرة في مجتمعنا في السنوات الأخيرة، كلنا نعلم أن منتقبة تسىء لعدة آلاف، وملتح بسلوكه يشين الآلاف أيضا، وللأسف الأمر يتجاوز الحادث العارض، وتكرار الأحداث شىء يتكرر يوميا.

كيف وصل الإسلام إلى أقاصى الأرض الصين، روسيا، الأمريكتين، مجاهل أفريقيا..إلخ ؟ هل عن طريق السيف كما يدعى أعداء الإسلام !؟ مؤكد لا..! انتشر الإسلام في هذه البلاد، بل في معظم بلاد الدنيا عن طريق نبل الأخلاق في التعامل، فكانت أمانة التجار المسلمين أحد أهم الأسباب التي كانت تدفع غير المسلمين للتعرف عليهم وعلى الأسباب التي جعلت هؤلاء بهذا النبل والرقى في تعاملهم، لم يكن للكذب مكان بينهم، النظافة، والمعاملة الحسنة، كل هذه الصفات السلوكية هي التي جعلت الإسلام يصل لبلاد الدنيا ودون أن يتحدثوا العربية، أندونيسيا، باكستان، نيجيريا، غانا، موريتانيا.. إلخ لم يدخلوا الإسلام لأى سبب آخر سوى "حسن المعاملة "..

وهذا يؤكد كلام سيدنا الرسول الله أن الدين "المعاملة".! ولم يقل أن الدين هو أكثر من يصلى أو أكثر من يزكى أو أكثر من يصوم، وكلنا نعرف قصة الرجل الذي لم يكن يترك المسجد ليل نهار ساجدا متعبدا، فذهب بعض الصحابة يسألون سيدنا رسول عن رأيه في هذا الوضع، وأنهم يشعرون أنهم مقصرون عندما يقارنون أنفسهم بهذا المتعبد ليل نهار! فسألهم سيدنا رسول الله من أين يعيش؟ قالوا: شقيقه يعمل ويصرف عليه! فقال سيدنا رسول الله: أخوه خير منه!

ومثال آخر عن أقدم مسجد في أفريقيا، وللعلم ليس مسجد عمرو بن العاص كما يدعى البعض، ولكنه في إثيوبيا -الحبشة قديما- والمسجد تم بناؤه عندما هاجر المسلمون الأوائل هربا من مطاردة قريش لهم، وأمرهم سيدنا رسول بالهجرة إلى الحبشة التي كان يحكمها ملك مسيحى، قال عنه سيدنا رسول الله "لايظلم عنده أحد"! عندما أراد المهاجرون الصلاة ومكان يجمعهم، تم بناء المسجد، بنى في الحبشة وفى ظل سيطرة المسيحية كديانة وحيدة، ومع هذا سمح لهم ببناء مكان يؤدون فيه الصلاة- مسجد- ولولا حسن معاملاتهم ونبل أخلاقهم مع أهل الحبشة، ما سمح لهم بذلك، في زمن كنا نراه الأصعب، ولكن الحقيقة أننا اليوم في زمن أصعب كثيرا مما كان، وأكثر انغلاقا من بدايات الدعوة الإسلامية.

فاض بى الكيل وطفح ممن يتمسحون في الدين والتدين في هذه الأيام، إذن الفارق كبير بين الإسلام الحق الذي "الدين المعاملة "... وإسلامنا اليوم "الفالصو" شعاره سوء المعاملة!
الجريدة الرسمية