حَدَثَ في مملكة لاكورونيا.. نائب الزَّعْبُوط الذي أسقط المملكة
*(أي صُوَر تشبيهية أو مواقف ترد في الأقصوصة التالية هى محض خيال، ولا علاقة لها بأي حالة معاصرة في أي مملكة أو دولة في الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة والواقع البهيج من المحيط إلى الخليج).
في مملكة لاكورونيا.. كان هناك ملك عرف بجبروته وسطوته وقسوته.. مفاصل المملكة بالكامل بين أصابع يديه.. دستوره دماغه.. قانونه سلاحه.. الأرض والماء والهواء ملك يمينه.. الاعتراض كُفْر.. النقد شِرْك.. الشكوى إنكار للنعمة.
مع مرور الأيام تناقل رعايا المملكة حكايات عن حياة البشر في بلاد أخرى، وكيف يرفلون في نعيم الحرية ورغد العيش والعدل.. تراكمت التطلعات والأحلام حتى جاوَزَت الجبال طولا.
وصل إلى آذان الملك ضجيج الهمس والتطلع إلى حياة أفضل.. تصرف بسرعة وقرر بدء الإصلاحات بإشراك الرعية في القرار.
بدأ بنقل تجربة البرلمان.. كان السؤال الصعب كيف يأمن جانب النواب؟ بسهولة شديدة تم تفصيل البرلمان بما زوره ملك لاكورونيا.. في كل مكان على ظهر الأرض هناك القرعجية وحملة المباخر.
انتهى تشييد البرلمان بدون القبة، التي حل محلها "زَعْبوط" ضخم، تكاد مقدمته المدببة تخترق السحاب.. قرار وضع الزعبوط لم يكن بدعة ولا فكرة مستوردة، وإنما كان قرار النواب بأن يكون تاج الملك رمز البرلمان.. وكان تاج الملك هو نفسه الزعبوط.. "والزعبوط غطاء رأس قريب الشبه إلى حد التطابق مع الطرطور".
رأى الملك أن يبدأ البرلمان بقانون يشعر الشعب من خلاله بنسمة حرية، فتم سن قانون يبيح لكل مواطن ارتداء الزي الذي يرغبه بكامل إرادته وحريته.. السبب أن الملك كان يفرض على الشعب زيًا موحدًا.. في الشتاء يرتدي الجميع جوالًا وسروالًا طويلًا وغطاء رأس عبارة عن خيشة خشنة.. وفي الصيف فانلة داخلية بحمالة واحدة للرجال وحمالتين للنساء.. وسروالًا داخليًا فقط للجنسين.
فجأة.. تقدم نائب عن حزب "لاكورونيا القوية" باقتراح قانون يفرض على كل أفراد الشعب لبس "الزَّعْبُوط" عرفانًا بفضل البرلمان الذي فتح طاقة حرية اختيار الزي، وتوقيرًا للزعبوط رمز تاج جلالة الملك.
رأى البعض أن قانون فرض الزعبوط يتعارض مع الدستور الذي كفل حرية اختيار الزي، واقترحوا أن يدشِّن النائب حملة يتبناها حزبه للدعوة لاعتمار الزعبوط، ثم إجراء استفتاء شعبي ينتهي بنعم للزعبوط كالعادة، ثم يوافق البرلمان على قانون الزعبوط دون المساس بالدستور.
انطلقت الحملة تحت عدة شعارات منها "الزعبوط منهاج حياة" و"كرامة الأمة في زعبوطها" و"لا خير في أمة بلا زعبوط ".
تجاهل الناس الحملة ولم يتحمسوا لها.. فكشر النائب عن أنيابه، وأطلق حملة جديدة بطعم التهديد شعارها "هاتلبسوه يعني هاتلبسوه".. غير أن الحملة انتهت نهاية مأساوية لم تكن في الحسبان.
كان النائب قد نظم تظاهرة حاشدة من الأطفال في إشارة إلى أن الأمل في الجيل القادم.. وقد اعتمر كل طفل زعبوطًا طويلًا من الصفيح اللامع الرقيق، يتقدمهم النائب، وسط هتافات التمجيد في الزعبوط رمز الولاء لتاج المملكة.
فجأة انتفض النائب في رعب شديد واستدار إلى الخلف، ثم انهال بالصفعات والركلات على طفل كان واقفًا خلفه.. السبب أن الطفل كان قد انطلق فرارًا من طفل آخر، وخلع زعبوطه الصفيح حتى لا يسقط منه، واحتضنه كما لوكان حربة وانطلق بكل سرعته وهو ينظر خلفه خشية أن يلحق به الطفل الذي يطارده، فرشق طرطوف الزعبوط المدبب في موضع عفة سيادة النائب.
استفزت قسوة النائب عموم الناس فهجموا عليه وفتكوا به ومزقوا زعبوطه وكل زعابيط الأطفال، ثم توجهت الحشود إلى البرلمان واعتلوا الزعبوط الضخم وحطموه.. وهم يصيحون مش هانلبسه مش هانلبسه.