دلالة الإمام الأعظم.. الأستاذ الإمام ولا تكن حنبليا!
أطلق المسلمون لقب الإمام الأعظم على الإمام أبى حنيفة النعمان.. وبعد مرور أكثر من اثنى عشر قرنا يطلق المسلمون لقبا جديدا على فقيه وعالم جليل آخر هو محمد عبده.. فلم يلقبونه بالإمام فقط.. ولا بالأستاذ فحسب.. إنما بالأستاذ الإمام!
فما الذى يا ترى يجمع بين أبى حنيفة ومحمد عبده؟؟ ما الذى دفع الضمير الجمعى لأمة الإسلام أن تطلق عليهما وحدهما هذه الصيغة المبالغة فى الوصف؟؟ والمبالغة هنا لا تعنى أنهما لا يستحقان ما لقبا به وإنما نقصد الإصرار على تبجيلهما وتعظيمهما والإيمان إن لقبا واحدا غير مركب لا يكفى كلا منهما.
الإجابة تتطلب البحث عما يجمع بينهما.. ولا نرى إلا أن كلا العلمين الجليلين من أنصار مدرسة العقل فى فهم الإسلام.. واستخدام العقل لاستنباط أحكامه وفهم نصوصه ومقاصد آياته .. فى حين تجد أن ذات الضمير الجمعى أيضا هو من يصف كل المتشددين المتعصبين العصبيين حتى فى الأمور الاجتماعية أو المالية بأنهم "حنبليون"! نسبة إلى أحد أبرز رموز مدرسة النقل فى فهم الإسلام وآياته وأحكامه..!!
مدرسة العقل لا تحتاج إلى شرح لطبيعة أحكامها.. أما مدرسة النقل فهى المدرسة التى تؤخر استعمال العقل لمصلحة الاعتماد على النصوص.. وتحولت النصوص فيما بعد من اليقينى قطعى الثبوت وهو القرآن.. إلى الظنى.. ظنى الثبوت وهو الحديث الشريف!
وهكذا انتصرت الأمة للعقل حتى ربما من دون أن تدرى.