رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

زواج القاصرات لأثرياء العرب برعاية السماسرة يجتاح شبين القناطر «تقرير»

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

عندما ينهش المرض والأمية والفقر في مجتمع ويظل يأكل فيه، فكل شيء متاح، وهنا في القليوبية تتواجد معاقل للاتجار بالبشر، فيقوم عدد من أولياء الأمور ببيع بناتهن لمن يدفع أكثر بالتعاون مع سماسرة ومحامين معدومي الضمير، والمحصلة أطفال مجهولي النسب.


يأتي ذلك في الوقت الذي تعجز فيه الأجهزة الأمنية عن اختراق معاقل هؤلاء المجرمين، بسبب تستر الأهالي عليهم، ورعاية تجار المخدرات لهم حتى أضحى واقعًا مؤلمًا يعرفه الجميع وينكره في الوقت نفسه.

قرى "عرب الرواشدة وعرب الصوالحة وطحا وطحانوب وكفر الصهبي والجعافرة والشيخة سلمي" بشبين القناطر عالم خاص، له القوانين التي تحكم أشبه بالغابة، ويتعاقب عليه المسؤلون ويخشون الاقتراب منه، فيتعاملون معه بالإنكار تارة، وبالتصريحات غير الرسمية تارة أخرى.

وتعيش فتيات في هذه القرى واقع "الاغتصاب" تحت غطاء يسمى الزواج العرفي من كبار الأثرياء العرب، فهى تجارة بالبشر وجدها بعض الأثرياء من دول الخليج لا تكلفه شيئًا، فهى متعة يجدها في طفلة يقدمها أهلها بأنفسهم ولا يخسر شيئًا، مستغلًا الفقر والجهل اللذان يعانون منه.

يشير "ح.م" أحد أهالي قرية عرب الرواشدة، إلى أن بلده والبلاد المجاورة تعيش ما يسمى بـ"الزواج الصيفي"، فيتوافد الخليجيون على بلادهم للزواج من الفتيات القاصرات في فترة الإجازات، يتم الزواج على يد سمسار يصطحب معه محامِ معروف في البلد، ويجوبون البلاد يعرضون عروض الزواج على الفتيات، ويتفاضون مع أهلهم على السعر نظير عمولة مربحة من العريس الخليجي.

وتختلف الأسعار، فسعر "البنت البكر" يبدأ من 50 ألف جنيه، والثيب 30 ألف جنيه، ويتم الزواج بعقد مدني على يد المحامي مع العلم أن الورقة الموجود بها العقد بها اسم محامي آخر غير معروف بمعنى أن العقد نفسه مزور.

ويأتي العريس بعدها ليشاهد عروسته، التي تبدأ من سن 16 حتى 18 عامًا ودائمًا تكون طفلة في نظر القانون، ليس لها بطاقة رقم قومي ليسهل عليه الاستيلاء على حقوقها دون أن يخسر شيئًا، بعد الاتفاق يدون في العقد اسم وهمي وعنوان وهمي للعريس الخليجي، ويقضي ما يريده من أيام مع عروسته وعندما ييأس منها يتركها وعندما تكون حامل، تدون الطفل باسم والدها وهنا الكارثة في اختلاط الأنساب، ويوميًا ومنذ سنوات والأمور تسير بهذه الطريقة.

في عرب الصوالحة سيدة كبيرة في السن معروفة لديها حقيبة مليئة بصور البنات، وكل أسرة تشعر ببلوغ ابنتها تعطي السيدة صورتها وتحتفظ بها السيدة، وعندما يأتي الأثرياء من العرب تجلس معهم ومع السماسرة ويختارون العروسة التي تعجبهم، ويتم بعدها الاتقاف على كيفية إتمام الزواج مع والدها، بعد هروب العريس تنتهي حياة الفتاة، ولا يستطيع والدها أن يتحدث خوفًا من تعرضه للمسائلة.

تقول "م.س" أحد الفتيات بقرية طحا، إنها عند بلوغها 16 عامًا تحول حالها لحال كل بنات القرية، فعرض أحد المحامين بصحبة سمسار بالقرية على والدها الزواج من "الشيخ نايف" أحد الأثرياء بالكويت، مقابل أن يعطي مهرًا لها 70 ألف جنيه، واقنعه أن كل شيء قانوني ورسمي وسيتم الزواج في إحدى الشقق السكنية بالقرية.

وذكرت:" وعد أبي بشراء منزل ويسجله باسمي وأرض زراعية"، موضحة أن هذا العقد العرفي مؤقت لحين بلوغها السن القانوني واستصدار بطاقة الرقم القومي، وبعدها سيكون الزواج رسميًا، على الرغم من أن كل بنات القرية المتزوجات من الخليجيين يتركوهم ويذهبوا بدون عودة، لذلك والدها رفض في البداية فظل السمسار يضاعف المبلغ إلا أن وصل إلى 100 ألف جنيه، بخلاف المنزل والأرض فأغرى والدها وبالفعل تم الزواج وقضى معها 4 شهور، وبعدها ادعى انتهاء إجازته وأنه سيعود إليها مرة أخرى، ولكن ما حدث أنه لم يعد واكتشفت أنها حامل وولدت طفلتها بدون أن تسجلها، وعندما ذهبت للمجلس القومي للمرأة بالقليوبية ليرفعوا لها قضية نسب أعطتهم بيانات الشخص الذي كانت متزوجة منه أخطروا بدورهم فرع القاهرة ليخاطب سفارة بلده، وبالفعل خاطبوا السفارة فأفادتهم أن المعلومات وهمية ولم يستدل لشخص بالاسم والبيانات التي كتبها المحامي.

وتكمل أنه عندما علم المحامي بمحاولتهم لتصعيد الأمور هدد والدها أنه مشارك في الجريمة بموافقته على زواج ابنته القاصر، وبالفعل خاف والدها من المسائلة وتكتم على الأمر والآن الجميع ينصحها أن تفعل مثل باقي بنات القرية وتسجل الطفلة باسم والدها فتكون ابنتها أختها.

وفي قرية الجعافرة إحدى القرى المعروفة بالمثلث الذهبي، والتي يعيش فيها الكثير من الشباب مجهولي الهوية، ولا يصدرون بطاقة رقم قومي خوفًا من ملاحقة الأمن لهم، بسبب الاتجار في المخدرات، وبالتالي فهم ينجبنون أبناءً أيضًا لا هوية ويتزوج البنات منهم أيضًا بالأثرياء من تجار المخدرات أو العرب وهن قاصرات، ولا أحد يستطيع أن يعترف بالأمر خوفًا من تهديد رجال المخدرات لهم.

وتوضح الدكتورة جيهان فؤاد، مقرر المجلس القومي للمرأة بالقليوبية، أن مكتب الشكاوى بالمجلس وصل إليه العديد من الدعاوى الخاصة بإثبات النسب، وبالدراسة تبين أنها واردة من مركز شبين القناطر بقرى عرب الرواشدة وطحا وطحانوب، وتبين أن هناك ظاهرة تسمى "الاتجار بالبشر" أو زواج القاصرات، يقوده عصابات منظمة للاتجار في الفتيات والسيدات، ويحاول المجلس توجيه القوافل الطبية لتقديم خدمة لتلك المناطق، وجارِ إعداد خطة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لمقاومة تلك الظواهر الخطيرة التي يعتبر الفقر أهم أسبابها.

وأضافت "جيهان" أنه ومع إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2017م عامًا للمرأة، فإن المجلس يقاوم كل أشكال العنف ضد المرأة من خلال التمكين الاقتصادي عن طريق المشروعات الصغيرة والمنتجة، وأيضًا من خلال مشروع بطاقتك حقوقك والذي يقوم عليه بالفعل ويتولى إصدار بطاقة الرقم القومي للسيدات والفتيات، حيث يتم الآن جمع بيانات كل الفتيات الذين لديهم 18 عامًا لعمل بطاقات رقم قومي لهم للحد من زواج القاصرات.
Advertisements
الجريدة الرسمية