5 أسباب وراء تزوير أوراق المستثمرين.. تضارب البنية التشريعية للاستثمار.. الرغبة في تحقيق إيرادات دون مراقبة الوسيلة.. تفسير أحكام القضاء بالأمزجة.. ومستشار الهيئة العامة: يصعب كشف الفساد
تتضافر الجهود المجتمعية لجذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات، وتحقيق أكبر عائد مادي من ورائها، مما أغفل العيون عن تزوير وتلاعب بأوراق مستثمرين خلال الفترة الأخيرة، ومعظم ما تم ضبطه اكتشف بالصدفة، لغياب القواعد والمعايير الموضوعة لمكافحة فساد هذا الباب.
تقديم الكفن
وفي واقعة أثارت الذهول، اكتشف محافظ الأقصر واقعة فساد لأحد المستثمرين الصغار ويدعى يوسف رضا محمد، ففأجأ المستثمر الحاضرين للمؤتمر التحضيري للحوار الوطني بقاعة المؤتمرات في الأقصر، بحمل كفن وتقديمه لمحمد بدر محافظ الأقصر، قائلا "عايز آكل عيش اعف عني"، ووضع كفنه على منصة القاعة ورد المحافظ عليه: "عارف كل أوراقه مضروبة وغير قانونية".
تلك الواقعة ليست إلا صفحة في مجلد يحوي عشرات من وقائع فساد والتلاعب في أوراق المستثمرين، ونرصد في التقرير التالى سبب تفشي الفساد في هذا الجانب، وكيفية مواجهته.
تضارب التشريعات
يقول "أحمد خزيم" المستشار الاقتصادي: «لدى وقائع وبالمستندات تكشف كما هائلا من الفساد وتلاعب المستثمرين في أوراقهم، وهو ما يرجع إلى أن أي موظف في الاستثمار قادر على تيسير مرور أوراق مستثمر بالقانون، وتعطيل أخرى بدون أسباب بالقانون أيضا، وذلك نتيجة التضارب الشديد في قوانين الاستثمار، ليس فقط قانون الاستثمار ولكن أيضا البنية التشريعية لخلق مناخ صديق للأعمال».
وأشار إلى أن تلك القوانين بحاجة إلى فلترة كاملة، بتبسيط الإجراءات ومعالجة مشكلات المستثمرين الداخليين قبل الخارجيين.
موظفو الاستثمار ودواوين المحافظات
وتابع خزيم: «موظفو الاستثمارات لهم دور فعال في دفع المستثمر إلى التلاعب في أوراقه، بسبب نظرته بأن أهم شئ تحقيق أكبر قدر من الإيرادات أيا كان الطريق لذلك، وهو ما كان سببا أساسيا في زيادة قضايا التحكيم الدولي»، مطالبا بنقل موظفي الاستثمار من مدرسة الإيرادات والجباية إلى مدرسة التنمية والقيمة المضافة.
وأضاف: «كما يجب أن نستوقف إجراءات دواوين عام المحافظات، تلك هي عش الدبابير التي تعطل المراكب السايرة في المحافظات، كما أن المستشار القانوني بالمحافظات أصبح باب تعطيل وفساد، حتى أحكام القضاء الإداري يتم تفسيره بالأمزجة، كل ذلك دفع المستثمر للجوء للتلاعب والتزوير لتخليص مصالحه».
الأسباب
وفي نفس السياق، يقول "علاء رزق" الخبير الاقتصادي، إنه لمحاربة الفساد لابد من معرفة أسبابه والتخلص منها، مشيرا إلى أن السبب الأساسي الذي يدفع مستثمرا للتحايل هو التعقيدات البيروقراطية التي وضعت أمام المستثمر، وبقاءه 729 يوما ليحصل على تصريح، فلابد من أن يتلاعب بالأوراق حتى يدير عمله، إلى جانب الفساد المتجذر في المجتمع المصري يدفع المستثمر للابتعاد عن الفساد الذي يحجمه بفساد أخرى، فضلا عن أن مصر تحتل المرتبة 136 عالميا في عدم كفاءة مجالس الإدارات بغياب الثقافة الإدارية، وهو ما أظهره تقرير التنافسية العالمية.
يصعب كشف الفساد
يقول "نبيل الجداوي" المستشار السابق للهيئة العامة للاستثمار لشئون المناطق الحرة، إن هيئة الاستثمار مسئولة فقط عن المستثمر الذي يسعي لتأسيس شركة تبعا لقانون الاستثمار، أما مستثمري المناطق الصناعية مثلا مسئولة عنها المحافظات والأحياء، موضحا فيما يخص عمل هيئة الاستثمار، عندما يقدم العميل أوراقه، تراجع تلك الأوراق من خلال مجمع الخدمات، ويعمل الموظف المختص على التعرف على مدي استيفاء الشروط التي نصت عليها الهيئة في الكتيب الموزع، ومدي توافر المستندات المطوبة.
وتابع مستشار الهيئة العامة للاستثمار:«يصعب اكتشاف تزوير مستند، فعلي سبيل المثال إذا طالبت كراسة الشروط مستندا بأن العميل يملك وديعة مالية في أحد البنوك، واستطاع العميل أن يحصل على تلك الورقة بختم سليم غير مزور، وأنه في الحقيقة لا يمتلك تلك الوديعة في البنك، فكيف للموظف المختص إثبات ذلك وأوراقه كاملة وسليمة وهكذا، فالمهمة الأساسية للموظف المختص في مجمع الخدمات مراجعة مدي توافر الشروط».