أول غيث الاستثمار.. قطرة
تعد المعارضة السياسية أحد أهم الأركان لتطور المجتمعات عن طريق تحقيق الرقابة على أداء السلطة وتقديم النقد من أجل الصالح العام وليس بقصد الهجوم والتجريح فقط، لذا ففي حالة وجود نماذج مشرقة أو قرار سديد لمسئول في الدولة يجب على الجميع تسليط الضوء عليه لإبرازه حتى تنتقل عدواه إلى باقي المسئولين.
بعيدًا عن جرعات المسكنات التي عانى منها الشعب المصري ولم تعد تجدي نفعًا معه، والتي يمكن أن نقول إن حكومة شريف إسماعيل تتخذها منهجًا لها في التعامل مع المشكلات الجذرية التي تشهدها البلاد، نجد أن القائمين على ملف الاستثمار بقيادة سحر نصر بدءوا في تنفيذ ما نادى به الكثيرون على مدى سنوات سابقة.
كثيرا ما بح صوت المتابعين لملف الاستثمار بضرورة استماع الدولة إلى مشكلات المستثمرين المصريين المحليين بدلا من الهرولة وراء رأس المال الأجنبي الجبان، وكما درسنا في الاقتصاد فإن أكثر الدول جذبًا للاستثمار الأجنبي هي أكثرها دعما ومساندة للاستثمار المحلي.
فمن أول البديهيات أنه لا يوجد بلد في العالم نجح في جذب الاستثمارات الأجنبية إلا وبدأ بالتعرف على مشكلات المستثمرين المحليين ووضع حلول جذرية لها وكما يقال دائمًا فإن الطريق إلى العالمية يبدأ من التعرف على أوضاعك المحلية.
فمنذ أيام عقدت سحر نصر اجتماعًا مع كبار المستثمرين المصريين والعرب في مصر بهدف بحث جميع الأمور المتعلقة بتحسين وتهيئة الظروف لجذب الاستثمارات وكذلك إيجاد حلول لكل المشكلات والقضايا العالقة التي تواجه المستثمرين وتحول دون ضخ استثمارات جديدة في مصر.
وخلال اللقاء أكدت الوزيرة أنه لا سبيل لجذب استثمارات أجنبية إلا بالتواصل مع المستثمرين المحليين وحل مشكلاتهم، فضلا عن إصدارها قرارًا بفض منازعات المستثمرين العالقة منذ سنوات لتكون خير بداية لكسب الثقة في مناخ الاستثمار الجديد.
ويكتسب هذا اللقاء أهمية خاصة من عدة نواحٍ.. ففكرة التواصل مع كبار المستثمرين المصريين والعرب في حد ذاتها هي خطوة على الطريق الصحيح لمعرفة مشكلاتهم والتغلب على أي معوقات تواجههم.. وهذا خير تعبير للروح الجديدة التي بدأت تدب في شرايين الاستثمار في مصر.. فهدا التواصل افتقدناه طيلة السنوات الماضية، حيث كان الأداء يتسم بالجزر المنعزلة بعيدًا عن التنسيق والتناغم والنتيجة دائما سلبية ويتحمل خسائرها الاقتصاد المصري بسبب تطفيش رءوس الأموال.
كل هذا سيساعد بلا شك في جذب الاستثمارات الأجنبية التي طالما اكتفينا بحلم اجتذابها دون أن نفعل أي شيء لتحقيق هذا الهدف بل أدت السياسات السابقة إلى هروب الاستثمارات وتراجع رجال الأعمال عن تنفيذ مشروعات كبرى تعود بالنفع على الاقتصاد القومي.
ولكن يجب على القائمين على ملف الاستثمار رفع شعار "الاستماع قبل الإقناع" فمؤسسات الاستثمار ليس مهمتها القيام بإجراءات فقط ولكنها لابد من أن تستمع إلى وجهات نظر القائمين والمعنيين بالاستثمار لتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب وحل المشكلات وإزالة كل العقبات التي تواجههم.