رئيس التحرير
عصام كامل

«سيد القمني.. بين الفكر الجديد وازدراء الأديان».. الكاتب: الفكر الإسلامي سبب النكسة والعرب بناة الكعبة.. شكوك بشأن حصوله على الدكتوراه.. وتهديدات بالقتل وراء اعتزاله

 الكاتب سيد القمني
الكاتب سيد القمني

تناولت أعمال الكاتب سيد القمني مناطق شائكة في التاريخ الإسلامي، والتي كان أشهرها «الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية،» «النبي إبراهيم والتاريخ المجهول»، «رب هذا الزمان»، والتي طرح من خلالها أفكارا خارج الصندوق جعلت البعض يراه مفكر عظيم بينما اعتبره آخرون دجالا.


وفى ذكرى ميلاده التاسعة والستين نحاول إلقاء الضوء على أهم مراحل حياته:

هزيمة في نكسة 1967
في أحد حواراته مع صحيفة "ميدل إيست تايمز" في عام 2004، أكد سيد القمنى أن رحلته خلال البحث في التاريخ الإسلامي بدأت بعد نكسة 1967، والتي قرر على إثرها أن يكون جنديًا من نوع آخر وأن يضع يده على جوهر وجذر المشكلة والتي لم تكن مشكلة إخفاق عسكري وحسب، بل كانت متأصلة في الإطار الفكري الإسلامي وليس في الإطار الفكري العروبي، معلنا أن هدفه من البحث هو إدراك ومعرفة جذور طريقة تصرف المسلمين والعرب وفتح نوافذ قديمة للوصول إلى اكتشاف حقيقة النفس.

العرب بنوا الكعبة
وأثارت آراء وأفكار القمنى الجدل، خصوصا وأنها تناولت الإسلام كدين وهو ما رفضه رجال الأزهر ومن أبرز هذه الآراء، اعتقاد القمنى أن للقرآن بُعدين، أولهما حقائق، تتعامل مع أحداث تاريخية حدثت في التاريخ الإسلامي مثل غزوة بدر، وثانيهما بعد روحي وميثولوجي أسطوري لم يحدث بصورة عملية فيزيائية، وإنما يمكن اعتباره رموزا وليس حقائق تاريخية، ويجب الفصل بين الحقيقة التاريخية والرموز وهو الخطوة الرئيسية نحو فهم الإطار الفكري الإسلامي.

وفى كتابه «الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية» يرى القمنى أن العامل الاقتصادي والفكر القومي العروبي لعب دورا كبيرا في نشأة الإسلام، وأن الكعبة بناها العرب، كما كانت له تفسيرات مخالفة لآيات القرآن الكريم، إلى جانب مطالبته بتغيير نصوص معينة في المناهج السعودية بحجة أنها من وحي الفكر الوهّابي وتشجع على الإرهاب وتكفير الطوائف والمذاهب الإسلامية الأخرى.

وفى مقابلة تليفزيونية مع طونى خليفة وصف القمنى مادة ازدراء الأديان بأنها مادة "حمارة" وضعت في الأساس لحماية المسيحيين والآن يحاكمون بها، إلى جانب تصريحه بأن وجود الملحدين أمر لطيف يجعلك تحمد الله على نعمة الإيمان.


كما كتب على تويتر متسائلا، لماذا لا يطبق قانون ازدراء الأديان على أئمة المساجد في كل مصر الذين يشتمون ويزدرون المسيحية واليهودية والبوذية وكل الأديان الأخرى؟ .

رسالة الدكتواره
وشكك البعض في حصول القمني على درجة الدكتوراه، حيث إن جامعة كاليفورنيا الجنوبية جامعة وهمية وهو ما يعني أن القمني توقف تعليمه عند درجة الماجستير خلافًا لما يدعى، إلا أن القمنى نفى ذلك مؤكدا أنه حصل عليها من جامعة جنوب كاليفورنيا وليس جامعة كاليفورنيا الجنوبية الوهمية، حيث أوضح أنه ناقش الرسالة بالمراسلة، وذلك في عصر ما قبل الإنترنت واحتياج الرسالة لشهرين لتصل إلى الولايات المتحدة وشهرين آخرين للرد عليها وهو الأمر الذي زاد من الشكوك.

وعلى خلفية المقالات التي هاجم فيها القمنى جماعات الإسلام السياسي وكان أحدها بعنوان «إنها مصرنا يا كلاب جهنم» على إثر تفجيرات طابا في أكتوبر 2004، تلقى تهديدات بالقتل من تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وتراجع القمنى عن أفكاره وطروحاته النقدية وقدم رسالة اعتزاله جاء فيها «تصورت خطأ في حساباتي للزمن أنه بإمكاني كمصري مسلم أن أكتب ما يصل إليه بحثي وأن أنشره على الناس، ثم تصورت خطأ مرة أخرى أن هذا البحث والجهد هو الصواب وأني أخدم به ديني ووطني فقمت أطرح ما أصل إليه على الناس متصورا أني على صواب وعلى حق فإذا بي على خطأ وباطل، ما ظننت أني سأتهم يوما في ديني، لأني لم أطرح بديلا لهذا الدين ولكن لله في خلقه شئون».

مصادرة أعماله
وصادر مجمع بحوث الأزهر أحد أشهر مؤلفات القمنى «رب هذا الزمان» كما تم استجوابه في نيابة أمن الدولة العليا، حول معاني «الارتداد» المتضمَّنة فيه.

وعلى خلفية فوزه بجائزة الدولة المصرية التقديرية في العلوم الاجتماعية لعام 2009 البالغ قيمتها مائتي ألف جنيه مصري، ثار الجدل حول أحقية فوزه بالجائزة، حيث قام الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري بإقامة دعوى قضائية، ضد كل من وزير الثقافة في ذلك الوقت فاروق حسني وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة على أبو شادي وشيخ الأزهر، بسبب فوز سيد القمنى والدكتور حسن حنفي بجائزة الدولة التقديرية لهذا العام، وهو ما اعتبره البدري إهدارا للمال العام لأنهما من وجهة نظره يسيئان إلى الذات الإلهية وإلى الإسلام.

مدرسة فكرية
ومثل أي مشروع فكري له مؤيديه ومعارضيه، فقد اختلف المعنيون حول شخص وأفكار القمنى فهناك من أيده معتبرا إياه مثالا للمفكر والباحث وصاحب مدرسة فكرية مختلفة ومن بينهم أنيس منصور، والروائية الأردنية ليلى الأطرش التي قالت إن تهديد سيد القمني ورضوخه الذي قد يُفهم في سياق قوة الاحتمال والظروف الخاصة به، فقرة في سلسلة اغتيال الفكر والقتل وإقامة الحسبة وخنق الحريات باسم الدين، ولكن الرضوخ يعني مزيدا من بطش هذه الجماعات وإعادة المجتمعات إلى كهوف الظلام والجهل، ونزع كل مكتسبات التنوير والفكر الحر وحقوق النساء.

كما اعتبره آخرون دجال ونصابا وكارها للإسلام، وأضافوا أنه يعمل على دس السم في العسل، ومن أشهر معارضي المفكر الإسلامي كمال حبيب، والكاتب الإسلامي أبو إسلام أحمد عبد الله الذي أطلق عليه لقب «الأنبا»، حيث قال هو لقب أحببت أن أمنحه من عندي، للكاتب سيد قمني، من باب إنزال الناس منازلهم، فالرجل للحق وإن كان منتسبًا إلى كتبه ألوان الطيف السبعة، فهو شيعي حينًا ويساري أو اشتراكي حينًا آخر، وحداثي وعلماني وليبرالي حينًا ثالثًا، ثم كنسيًا في آخر موديل.
الجريدة الرسمية