سر عودة التحالف بين الإنجليز والإخوان.. شبكة مصالح سياسية ونفطية مرتبطة بحركة الجهاد العالمي تدار من لندن .. الكتائب الإعلامية لتنظيم القاعدة يقوم عليها بريطانيون
كشفت بريطانيا عن وجه آخر، كانت تخبئة بين أنسجة عقيدتها السياسية، بعدما تراجعت عن خطوة تصنيف الإخوان «جماعة إرهابية»، رغم قطعها شوطًا طويلا في العمل على ذلك، من خلال لجنة «جون جينكز» السفير البريطاني السابق بالسعودية، والذي ألقى بالإخوان في الجحيم قبل عامين، واعتبرها المعبر الرسمي للإرهاب في العالم؛ لتعود بريطانيا لسيرتها الأولى في احتضان جماعات الإسلام السياسي، التي تتحالف معهم منذ أربعينات القرن الماضي، وترتبط معهم بعلاقات نفعية، وشبكة مصالح ليس بالأمر الهين التنازل عنها.
انقلاب سياسي
قبل أسبوع، انقلبت الخارجية البريطانية على المسارات التي رسمها «ديفيد كاميرون» رئيس الوزراء السابق، والذي قلص نفوذ الإخوان داخل عاصمة الضباب، واتبع خطة تكتيكية لمحاصرتهم؛ لتمهيد الرأي العام الدولي؛ لإدراجهم على لائحة الإرهاب، وتمثل ذلك في رفض منح تأشيرات دخول قيادات الجماعة، وخاصة أصحاب المواقف المتطرفة، والداعيين إلى العنف من جبهة محمد كمال، بجانب وضعهم أنشطة الإخوان تحت رقابة مشددة، بالتعاون مع أطراف الصراع العربي معها، سواء على المستوي السياسي، أو الأجهزة الأمنية.
وبعد رحيل كاميرون، استبقت الجماعة رغبات حظرها في الخارج، واتبعت خطة مبتكرة، أحد محاورها، شراء صفحات مدفوعة الأجر في كبريات الصحف العالمية، مرورا بدفع الكتاب المقربين منها للدفاع عنها، وطرح مبادرات عبثة عن المصالحة، دون أن تعبر بشكل رسمي عنها، نهاية بالظهور المكثف لإبراهيم منير، نائب المرشد العام، وأخطر شخصية داخل التنظيم؛ للحديث عن نبذ العنف، ونفى أي علاقة للجماعة بـ«شواكيش الإخوان» الداعية لتبني العنف، واستهداف رموز مؤسسات الدولة.
منهج السياسة عند الإنجليز
في سياسة بريطانيا، لا مكان إلا لبراجماتية نفعية بحتة، فلا مجال للشرف في الحسابات السياسية الإنجليزية؛ لذا كانت بصمات بريطانيا حاضرة في كافة الحروب التي تتخذ طابعًا جهاديًا، بداية من أفغانستان والبوسنة، التي شجعت فيها الملا عمر قائد طالبان، على تسليم بن لادن للمخابرات السعودية، لتسليمه للأمريكان، مقابل تهريب المجاهدين الأفغان بأسماء مزورة لبريطانيا، وتدريبهم في معسكرات على أراضيها؛ لمعاودة الهجوم على السوفيت.
الإخوان.. كابو الإسلاميين في عاصمة الضباب
حظيت الإخوان بنصيب وافر من الأريحية في بريطانيا، حتى بعد حظرها، إبان سقوط حكم محمد مرسي، وإعلانها جماعة إرهابية، وكان لها مقر يعرف بين الإسلاميين، بـ«شقة لندن»، تدير منه شئون التنظيم الدولي، وبجانبه تمتلك الجماعة مكتبا للأبحاث بالعاصمة البريطانية، يسيطر عليه إبراهيم منير أمين التنظيم الدولي، والمقيم على أراضيها، وفق حق اللجوء السياسي، الذي حصل عليه منذ عام 1975.
بريطانيون يتولون إدارة المكاتب الإعلامية لـ«القاعدة»
تدار حركة الجهاد العالمي من داخل بريطانيا، وهناك مؤشرات تؤكد أن الكتائب الإعلامية لتنظيم القاعدة، يتحكم فيها بريطانيون بالأساس، حسب شهادة الصحفي الإنجليزي «مارك كيتس»، الذي سجل العلاقة السرية بين بريطانيا والإخوان، في كتاب شهير صدر قبل عدة سنوات، كما يدعم شهادته، السجل الحافل للإنجليز في احتواء عناصر متطرفة، تنتمي إلى مختلف الجماعات الإرهابية والأصولية، التي تشكل خطرا على العالم بأسره، وعلي بريطانيا نفسها.
أبو حمزة المصري.. واعظ القتل
يحمل أبو حمزة المصري، القيادي المتطرف المصري الأصل، البريطاني الجنسية، وكان يعمل واعظا وخطيبا لمسجد «فينسبري بارك» شمال لندن، ودبر أبو حمزة عملية خطف لـ16 سائحا غربيا في اليمن، عام 1998، وقُتل أربعة منهم أثناء عملية عسكرية لتحريرهم، وهو مسئول أيضا عن تدشين معسكر تدريب إرهابي في أمريكا، بين عامي 2000 – 2001؛ لتدريب الراغبين في الجهاد ببلدان الشرق الأوسط.
خالد الفواز.. رفيق بن لادن
كما وفرت بريطانيا ملازا للسعودي خالد الفواز، الذي ارتكب أعمالا إرهابية بداية من عام 1998، لاستهداف سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي بكينيا ودار السلام بتنزانيا، وكان يتمتع بعلاقات متميزة أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، وهي العلاقة التي تراها أمريكا وراء إصداره فتوى عام 1996 ضد الولايات المتحدة
أبو قتادة.. الإرهابي العالمي
كما منحت بريطانيا ملجأ لأبو قتادة الفلسطيني الأصل، أردني الجنسية، منذ عام 1993، ورغم علم السلطات أنه دخل البلاد بجواز سفر إماراتي مزور، إلا أنها منحته حق اللجوء السياسي عام 1999، رغم كونه مطلوبا لعدة دول بتهم الإرهاب، على رأسها الأردن، التي حكمت عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، وكذلك للولايات المتحدة وبلجيكيا وفرنسا والجزائر وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا.
عمر بكري.. مفتي الدماء
أكرمت بريطانيا، السوري عمر بكري، مؤسس الجناح البريطاني لحزب التحرير الإسلامي، ووفرت له إقامة على أراضيها منذ عام 1986، بعد طرده من السعودية، وأسس بعد ذلك حركة «المهاجرين» المتطرفة، التي وصفت منفذي هجمات 11 سبتمبر بالعظماء الـ 19، كما أصدر بكري فتوى عام 2003 تحلل للمسلمين العراقيين مبادلة القوات الغازية اعتداء باعتداء، وعلى إثرها تم منعه من الإقامة في بريطانيا، وغادرها فور وقوع هجمات لندن في يوليو 2005.
المسعري.. عميد الإرهاب الإلكتروني
لجأ السعودي محمد المسعري إلى بريطانيا، بصحبة لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية السعودية المعارضة، ومنها أدار موقعا على شبكة الإنترنت لكيفيات حرب المدن، وحمل بعض الفتاوى التي تشيد بالعمليات الانتحارية، كما استضاف الموقع ندوات حول «الجهاد» وأهميته في تحقيق حلم الدولة الإسلامية المزعوم «الخلافة».
يرى كمال الهلباوي، القيادي التاريخي السابق بالإخوان، أن الذين فروا من الجماعات الإسلامية إلى بريطانيا، أخذوا معهم اعتقاداتهم ومورثاتهم؛ لذا تضم بريطانيا متشددين من كافة التيارات، الذين يرحلون بأدواتهم الإعلامية، وقائمة تحالفاتهم الدينية والسياسية.
واعتبر الهلباوي أن المتشددين في بريطانيا لا يمكن لهم العمل بمفردهم، خاصة أن إنجلترا تشترط على اللاجئين بها الاعتراف بـ«الهولوكوست» والمشاركة في الاحتفالات بذكراها السنوية مع الجاليات اليهودية، مؤكدا أن الأصوليين في بريطانيا، كونوا شبكة من الشباب في الجامعات وخارجها، وهم القتلة الذين يحاربون في سوريا والعراق الآن، وكأنها خطة متفق عليها؛ لتصدير صورة سيئة عن الإسلام، لافتا إلى أن هناك شبكات إلكترونية تعمل بشكل واضح في بريطانيا؛ للحشد والتعبئة لإرسال الجهاديين إلى مناطق وبؤر التوتر الدائرة في الشرق الأوسط.