محمد القصاص: فيروس سي يدخل متحف الطب قريبا
قال الدكتور محمد القصاص، أستاذ الكبد بكلية الطب جامعة حلوان: إن فيروس سي قريبًا سينتقل إلى متحف الطب، مشيرًا إلى أنه منذ اكتشاف فيروس سي القاتل في العام 1989 وأعداد المصابين على مستوى العالم في تزايد مستمر، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية وجود ما يزيد على المائتين مليون مصاب بالفيروس.
وتابع حديثه لــــ"فيتو" أن مصر ظلت للأسف أعلى دول العالم في معدلات الإصابة بالفيروس لفترات طويلة، حيث بلغت نسبة الأشخاص الحاملين للأجسام المضادة للمرض في مصر في عام 2008 نحو 15% من عدد السكان في التقارير الرسمية.
وأضاف: "مع بداية معرفة العالم بالفيروس توالت محاولات الأطباء والباحثين للوصول لعلاج ناجح لهذا المرض، وشهد العلم تقدم بطيء ونتائج غير مرضية في نسب الشفاء الكامل من الفيروس، وذلك حتى فترات قريبة"، لافتًا إلى أنه اعتمدت محاولات علاج الفيروس في البداية على أحد العقارات المعروفة، والتي تستخدم في علاج العديد من الأمراض وهو عقار الإنترفيرون، وتلك المادة توجد بصورة طبيعة في جسم الإنسان وتعتبر أحد مكونات جهاز المناعة.
وأشار إلى أنه بإعطاء هذا العقار للمرضى المصابين بفيروس سي يتم تحفيز جهاز المناعة بصورة تحقق القضاء على الفيروس في نسب قليلة من المرضى في المراحل المبكرة لاستخدام هذا العقار، ثم شهدت محاولات العلاج بهذا العقار تطورات متتالية في شكل العقار نفسه أو بإضافة أحد المضادات الفيروسية الأخرى له وهو عقار الريبافيرين، وذلك بهدف رفع معدلات الاستجابة للعلاج.
وبرغم كل هذه التجارب لم تفلح محاولات العلم في ضمان القضاء علي الفيروس لدي المرضي المصابين باستخدام الطرق العلاجية المعتمدة علي عقار الإنترفيرون بشكل كامل وإنما وصلت اعلي معدلات الاستجابة في أفضل الأحوال بهذا العلاج لما يقرب من النصف بما يعني نجاح العلاج الذي يمتد لفترات طويلة تصل إلي عام كامل بأعراض ومضاعفات كثيرة في القضاء علي المرض في نصف المرضى المصابين فقط.
وتابع: "حمل العام 2011 مفاجآت سارة للمرضى المصابين بفيروس سي حول العالم وذلك بإقرار أول العقارات من عائلة تسمى المضادات الفيروسية المباشرة وهي تلك الأدوية التي تعمل بصورة مباشرة مستهدفة مراحل تكاثر الفيروس المختلفة مما يؤدي به في النهاية إلي الفناء ولكن هذه الأدوية كانت مصممة للعمل في النوع الجيني الأول الموجود في الولايات المتحدة وأوربا وليس للنوع الموجود لدينا".
واستكمل حديثه: "كان علينا الانتظار لمدة عامين أخرين حتى نحصل في النهاية علي واحد من أحد أفراد هذه العائلة صالح للاستخدام ضد النوع الجيني الرابع من الفيروس والمتواجد لدينا بمصر، وحانت هذه اللحظة في نهاية عام 2013 حين أقرت منظمة الصحة والغذاء الأمريكية أحد الأدوية الهامة ليس فقط في تاريخ الطب وإنما في تاريخ صناعة الدواء بالعالم وهو عقار السوفوسبوفير والذي ضمن استخدامه مع واحد أو أكثر من العقاقير الأخري تحقيق نسب استجابة للعلاج تتجاوز الخمسة و التسعين بالمائة في معظم الحالات كنسبة شفاء من الفيروس في فترة علاج تمتد لثلاثة شهور فقط".
وأشار إلى أنه لم تقف الأمور عند هذا الحد وإنما تتابعت التطورات بشكل مذهل وتتابع ظهور العقاقير الفعالة ضد فيروس سي وكذلك هناك محاولات لتقليص فترة العلاج إلي شهرين فقط مع ضمان الحصول علي نتيجة تقترب من العلامة الكاملة (100%) في القضاء تماما علي الفيروس.
وأكد أن العقارات الجديدة في مجال علاج فيروس سي فتحت أفاق جديدة وسيتيح استخدامها إعطاء الفرصة لعلاج فئات من المرضي لم يكن يمكن علاجهم في السابق.
فيما قطعت مصر خلال السنوات القليلة الماضية شوطا كبيرا في علاج المرضي المصابين بفيروس سي وذلك اعتمادا علي الأدوية الحديثة والقائمة بدرجة كبيرة علي العقاقير المصنعة محليا. يقدر عدد المرضي الذين تم علاجهم في مصر خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بحوالي المليون مريض وهو رقم يفوق عدد المرضي الذين تم علاجهم من هذا المرض في العالم أجمع.
وأوضح أنه ليس هذا أيضا نهاية المطاف وإنما ستحمل لنا السنوات القادمة الكثير من الأخبار السارة لمرضي فيروس سي والمزيد من العقاقير الناجحة والتي من المتوقع أن تجعل هذا المرض اللعين حبيسا في متحف ذكريات الطب قريبا.