رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تم تشويه المجتمع تحت عباءة الدين


إن فهم التاريخ السالف لا يعد نبشا في قبور الموتى ولكن إذا أردنا أن نشخص المرض فلابد أن نفتش التاريخ الأسبق والحاضر.. وفى المقالات السابقة استعرضنا كيف كانت البنية التحتية وهى البيروقراطية بيئة جيدة لنمو وإرساء وترسيخ أكثر من 30 ظاهرة لتشويه المجتمع المصرى.


فبعد أن قُسم المجتمع إلى 3 دويلات والبنية الخرسانية البيروقراطية تحميها بدأ الخصمان الطرف الحاكم والطرف الآخر وهو تيار الإسلام السياسي في تقسيم الغنيمة.. في أن يبرم اتفاقات في غرف الظلام.. من يأخذ تلك الصلاحية ومن يأخذ ذاك الصلاحية.. من سيتركه النظام يعيش في أمان من فريق التيار الإسلام السياسي ومن سيقرر النظام نفيه.. ومن سيقرر جعله فزاعة؟ ومن سيشعل من آخر خطوط هذا النظام السام لمصر-آخر كروته الحمراء وهى الفتنة الطائفية.

ومن أول عواقب تلك الاتفاقات بين الطرفين الخصمين التي بُرمت في الظلام هي أول صلاحية أعطاها النظام السابق للطرف الآخر وهى الخطاب المجتمعى.

الخطاب المجتمعى والتثقيف المجتمعى: أي إعادة هيكلة العقول المصرية والتي كانت من أول صلاحيات الإسلام السياسي وبتتويج تلك الصلاحية تم غسل عقول الكثير من الشعب المصرى وبحجة قوية وهى الدين بمعنى تطويع كلام الدين لصالح ذلك الفريق وقس على ذلك عزيزى القارئ:

أول ظاهرة شوهت المجتمع على سبيل المثال هي زيادة عدد السكان والإفراط في المواليد بحجة أن البنون زينة الحياة الدنيا كما قال الله! لكى لا ينطق ببنت شفة أي معارض.. ولكن لم يكن ذلك تنفيذا لكلام الله كما ادعوا بل لازدياد عدد السكان والانفجار السكانى مع ازدياد الجهل والفقر والمرض وعدم الاهتمام بالموارد البشرية ومتوجين كل ذلك بالبيروقراطية مما يؤدى إلى أعداد هائلة من البشر ولكن بلا أي نوع من أنواع جودة الحياة ولا ينعمون بالحياة أصلا ولكن ليسهل عليهم تجييش أكبر عدد منهم.. أكبر عدد من العقول الخاوية.

ثانى ظاهرة على سبيل المثال، وبما أن هدف الفريق الذي نتحدث عنه هو تشويه المجتمع المصرى وتقليل من جودة الحياة لكل مواطن تشعب ذلك الأخطبوط فوصل إلى الطب على سبيل المثال محرما زراعة الأعضاء وأشهر مثال على ذلك عندما أثيرت ضجة كبيرة حول ترقيع القرنيات وأخذ الرقعة من متوفى مدعين أنها انتهاك لحرمة الأموات علما بأنه قبل التسعينيات كانت تتم أخذ الرقعة من متوفى لإنقاذ نظر مريض حى يرزق دون أي مشكلة وكأن الأطباء قبل ذلك الوقت كانوا من كفار قريش !

ولكن استغلالا لطبيعة الشعب المتواكل ولوضع يدهم على أكثر نقطة حساسة لدى الإنسان المصرى المؤمن البسيط وهى (حرام)...لا تسأل! التي تسكت أي فاه، توقفت عمليات ترقيع القرنيات وأصحبت عائقا كبيرا أمام أي مريض والحل إما استيرادها من الخارج بثمن باهظ أو أن يظل بمشكلة في عينه طوال حياته منتظرا دوره في المستشفيات بالسنوات العديدة.. علما بأن -إن كان من مصلحتهم  فعلا- مراعاة الحرمانية والموتى كان بالأحرى استشارة رجال الدين المختصين وتسهيل تلك الأمور كمثل التبرع بالأعضاء بعد الموت كما يقال "الدين يسر لا عسر"...

ولكن هيهات أي يسر يريد بائعو كلمات الدين؟ هم يريدون تشويه المجتمع لمصالحهم الشخصية بل استغلال الدين وإثارة العسر وحجتهم الله.. وهو منهم بريء.
وللحديث بقية دائما...

الجريدة الرسمية