على أبواب الكاتدرائية
على أبواب كنيسة الخصوص، وقفت قوات المتأسلمين تنتظر نقطة البداية، وعلى أسطح المنازل المجاورة وقف خلق مثلما نحن خلق يحملون البنادق ويصوبون رصاصاتهم إلى قلوب الأعداء، والأعداء يتساقطون واحدا بعد الآخر.. نفس المشهد الذى كان على أبواب الكاتدرائية، أناس يحاربون أناسا دفاعا عن كلمة الله التى اهتزت فى السماء لأن طفلا رسم صليبا معقوفا على جدار معهد أزهرى، ولم تهتز السماء فى عرف هؤلاء لأن إسرائيل خفضت تسليحها وجيشها إيمانا منها بموت العرب!
هناك كان المحاصرون ينتظرون العون من قوات السلطان، والسلطان كما تعلمون تصالح مع كل صنوف الإرهاب، فهو منهم وهم منه.. والإرهابيون حاصروا الكنيسة لنصرة الله وفى الكنيسة يهتف الشباب لنصرة الله.. هؤلاء يقاتلون هؤلاء من أجل الله وهؤلاء يردون على هؤلاء من أجل الله، بالضبط مثلما فعل فريقا كرة قدم عربيان عندما قرأ كل منهما الفاتحة قبل المباراة طلبا لنصرة الله ضد الآخر!
والقتل باسم الرب من أقدم جرائم التاريخ، فباسمه جل وعلا ترتكب الجرائم، وباسمه قتل ستة من شباب مصر، كل منهم يعبده، وعلى أبواب الكاتدرائية كانت دموع الثكالى تغسل العتبات وقلوب الأمهات تعتصر ألما وتشتعل نارا، وآباء فقدوا زهورهم من هنا وهناك، وشيوخ يناظرون خاتمتهم فى أسوأ مشاهدها والكل ينظر شاكيا إلى السماء، وكل فريق يطلب العون من الله ضد الفريق الآخر، حتى حق فيهم قول العقاد "تُرى هل حيروا الأقدار أم حيرهمُ القدر".
على أبواب الكاتدرائية التى يذكر فيها اسم الله، انطلقت جثامين الأطهار وأشباح التطرف تهاجمها وقنابل الحقد تلقى بحممها فى بر مصر.. فى الكاتدرائية اشتعلت الأشجار الخضراء رمز الحياة وفى طرقات المدن وفى الكفور والنجوع توجعت مصر الوطن.. فى الكاتدرائية ودع الأهل أغصانهم التى كانت قبل ساعات يانعة، سمراء بلون الأرض، متدفقة كماء النيل، حالمة كما هدير هتافات يناير، وعلى الرصيف الآخر وقف خلق ليسوا مثلنا وليسوا بلوننا، ولم يكونوا معنا أيام يناير، مثل البوم تخرج أصواتهم، كالغربان تفاجئك حناجرهم مثل شياطين الليل يهاجمون نعوش الأولاد فى رحلتهم الأخيرة.
على أبواب الكاتدرائية اصطفت ملائكة فى وداع الأولاد، وعلى أبوابهم تناثرت جحافل الشر تطارد كل المعانى الإنسانية الراقية.. على أبوابها ودعنا أعزاء وبكينا أحبابا، وعلى أبوابهم سنلتقى يوما مصريين ليس بيننا شيطان الفتنة.