الأزمة في الخبز.. أم في التعامل مع الرأي العام؟!
التظاهرات التي اندلعت في بعض محافظات مصر بسبب تخفيض حصة المواطنين الذين يحملون الكارت الذهبي من الخبز تعكس أزمة قد تنتقل لقضايا أخرى ما لم تتعلم الحكومة من الأخطاء.. فما حدث هو خروج المواطنين في تظاهرات بعدما قلص أصحاب المخابز في حصة المواطنين إلى ثلاثة أرغفة بدلا من خمسة.. الدكتور على مصيلحي، وزير التموين، قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده إن حصة المواطن صاحب الكارت الذهبي من الخبز لدى صاحب المخبز هي 5 أرغفة.
الأزمة تبدو وكأنها انتهت والناس لم تفهم كيف بدأت.. هل أصدر وزير التموين قرارا ثم تراجع عنه أم أن الخبر كان شائعة.. بعض المواقع التي دافعت عن وزارة التموين قالت إن حصة المخابز كما هي وأن أصحاب المخابز يرغبون في استغلال حصة المواطنين المستحقين وإعطائها لغير المستحقين.. هذه الأصوات تناست وسط الأزمة تزامن التظاهرات في أكثر من محافظة.. فهل قرر أصحاب المخابز استغلال حصة المواطنين في اليوم نفسه؟
جريدة "اليوم السابع" قالت نقلا عن مصدر مسئول بوزارة التموين والتجارة الخارجية إن هناك بعض أصحاب المخابز يروجون لشائعات حول سعي الوزارة لتخفيض خصص الخبز.. والحقيقة أن قرار الوزير نص على تقليص حصة المخابز من 1500 إلى 500 رغيف على الأكثر يوميا.. موقع مصراوي نشر تقريرا بعنوان: "انتفاضة التموين.. كيف أشعل قرار الوزير الاحتجاجات بـ 5 محافظات؟".. التقرير تضمن إشكالية عدم مراعاة اختلاف حصص أصحاب المخابز.. فوفقا للتقرير تبلغ حصة كل مخبز في مدينة دسوق 2000 رغيف يوميا، وتقليص حصة كل مخبز إلى 500 رغيف يعني أوتوماتيكيًا تقليل حصة المواطن من 5 أرغفة إلى 3.
وبغض النظر عن مؤتمر الوزير الذي جاء متأخرًا كرد فعل للتظاهرات، فإن الأزمة تعكس أزمة مشكلة في التواصل مع أصحاب المخابز ومع الناس، والوقوف على حصة كل مخبز قبل تحديد عدد الأرغفة ليتم توزيع الحصص بشكل يتناسب مع الحصة المطلوبة من كل مخبز.. إذا كانت وزارة التموين درست جيدًا حصص المخابز، وقررت أن عدد 500 رغيف يوميًا يكفي ويفيض فلماذا لم يعقد الوزير مؤتمره قبيل صدور قراره وليس بعد خروج التظاهرات، حتى يحذر الوزير أصحاب المخابز من افتعال المشكلات.
الواضح أن وزارة التموين تعاملت مع الموضوع بنفس الطريقة التي استخدمتها الحكومة من قبل، وهي طريقة "إصدار القرار ثم انتظار رد الفعل" على أمل أن يمر القرار دون مشكلات، وقرار إعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية ليس ببعيد، وهو القرار الذي اتخذته الحكومة ثم سحبته.. الطريقة نفسها استخدمتها الحكومة مع تحرير سعر الصرف، فمن كان يعرف أن سعر الدولار سيقفز بين ليلة وضحاها من 8 جنيهات – على أقصى تقدير – إلى 18 جنيها.. وبغض النظر عن صحة قرارات تعويم الجنيه من عدمه، وتخفيض حصص المخابز، فالواجب على الحكومة أن تمهد للقرارات التي تمس المواطن من خلال نقاش مجتمعي – هذا على اعتبار أن الحكومة – تعرف أن هناك أحزابًا وأن هناك برلمانا يوجد به نواب يمثلون الشعب - ونقاش في وسائل الإعلام بما يمهد للقرار ويقيس اتجاهات الناس وردود الأفعال المتوقعة.
الأزمة ليست فقط في بعض القرارات التي تتخذها الحكومة وإنما في تجاهل بعض الجهات أو الوزارات حقيقة وجود برلمان وأحزاب يجب استطلاع آرائها قبل اتخاذ قرارات تمس حياة المواطن، ولا سيما إن كانت الحكومة "لا تفقه" شيئًا في التعامل مع الرأي العام.