رئيس التحرير
عصام كامل

تنويعات على منظومة الفشل


لم يعد يخفى على أحد أنه لا أمل في الإصلاح وتحسن الأمور ما بقي شريف إسماعيل رئيسًا للوزراء، ومهما غير في التركيبة الوزارية، يظل الفشل حليف السلطة التنفيذية؛ لأنه يدير العمل بعقلية وأسلوب وفكر ثبت مئات المرات فشله الذريع ولا نحتاج إلى برهان جديد على ذلك!!


قلنا مرارًا إن المرحلة الدقيقة التي تعيشها البلد، والأزمات المتلاحقة التي يعانيها الشعب سببها المباشر فشل إدارة وسياسة شريف إسماعيل وطارق عامر، وإننا نحتاج قيادات وعقليات تنفيذية مختلفة قادرة على إدارة الأزمات.. أما الاكتفاء بالحل "الترقيعي" وتغيير بعض الوزراء لن يفيد لأن من يختار هو نفسه سبب الفشل والأزمات!!

أعلن إسماعيل عن تعديل حكومته، وغير بعض الوجوه التي راهن عليها قبل أشهر قليلة وفشل أصحابها فشلا ذريعا، وبعد التعديل لم نسمع إلا عن اجتماعات رئيس الحكومة مع الوزراء لتنفيذ سياسته وخططه التي لم يعلن عنها شيئا، لكن ما نلمسه على أرض الواقع مزيد من الأزمات والمعاناة وانفلات أسعار وغياب رسمي تام عن الواقع، كأن لا حكومة لدينا وأن أمور السلطة التنفيذية "ماشية بالبركة"، ونظرة على بعض وليس كل ما حدث في الأيام الماضية يثبت ألا أمل في النجاح وأن الفشل عنوان منظومة العمل الحكومي.

رغم اعترافنا بصحة اختيار د.على مصيلحي وزيرا للتموين والتجارة الداخلية، وقدرته على إصلاح ما أفسده سلفه اللواء محمد على مصيلحي، حيث بدأ أيامه الأولى بخفض أسعار السكر والأرز، لكنه اصطدم في الساعات الأخيرة مع أصحاب المخابز بعد قراره تقليص حصة "الكارت الذهبي"، وهي التي يتم من خلالها توزيع الخبز لمن لا يملكون بطاقات تموين ذكية والوافدين، باعتبار أنها تمثل إهدارا للدعم أو "رشوة مقنعة"..

الخلاف هنا ليس على القرار بل على طريقة التطبيق، إذ كان يجب شرح أسبابه وأبعاده وعدم تضرر المواطن منه لسد الثغرات أمام المتصيدين للوزير والمتضررين من القرار، لكن تم تنفيذ القرار دون مقدمات، ليبدأ الغضب الشعبي ويزيده أصحاب المخابز المتضررين تأجيجا ومعهم بعض وسائل الإعلام التي روجت كذبا لخفض حصة الفرد من الخبز المدعوم، وهكذا عمت التظاهرات بعض المدن، ورغم هذا اكتفت الوزارة بإصدار بيان نفي لما يشاع وتوضيح حقيقة القرار، فضلا عن مداخلة هاتفية لمستشار وزير التموين مع أحد البرامج التليفزيونية.. لكن في أمر كهذا لا يمكن الاعتماد على متحدث الوزارة أو مستشار بل يجب أن يطل الوزير مباشرة ويضع النقاط على الحروف لاحتواء الأزمة حتى لا تتفاقم!!

قبل تولي شريف إسماعيل رئاسة الحكومة كانت الخارجية من أنشط وأبرز الوزارات، لكن الحال تغير في عهده، وحدث أن أصدرت الوزارة قرارا "بزيادة رسوم تأشيرة دخول الأجانب إلى مصر من 25 دولارًا إلى 60 دولارًا" ربما لتغطية نفقاتها الزائدة.. لكن القرار في الحقيقة غير مسئول ويضر بمصالح وسمعة مصر، التي تسعى جاهدة لاستعادة السياحة المفقودة، وأمامنا دول أخرى جعلت التأشيرة مجانية تشجيعًا للسياحة، وقطعًا لم تكن الخارجية تجرؤ على مضاعفة رسوم التأشيرة بدون موافقة إسماعيل، وأمام مناشدة شركات السياحة والعاملين بقطاع الآثار والسياحة استجاب الرئيس السيسي لهم وألغى القرار.

وكان حريًا بالخارجية البحث عن مصالح مصر ونفي تلميح البعض عن أن "الغزل" بين مصر وإيران والسعي لتحسين علاقاتهما هدفه الضغط على السعودية، فهذا عيب في حق بلدنا، لأن إيران تظل مصدر الإرهاب الأول في المنطقة وهدفها نشر المذهب الشيعي والسيطرة علينا كما فعلت في لبنان وسوريا والعراق وحاليًا اليمن.

نلمس في الفترة الأخيرة تحركات لتنشيط السياحة بعيدًا عن الوزير المعني بالأمر، وكأنه ليس مسئولا عن أهم مورد للدخل في مصر حتى سنوات قليلة مضت، وزير السياحة الذي لا نعرف اسمه غاب عن الساحة تمامًا عندما استضافت إحدى الشركات لاعب برشلونة ميسي ترويجًا للسياحة المصرية، ولم يفكر في استثمار وجوده أو الاستفادة من أفكار مماثلة، وكأن الأمر لا يعنيه!! 

غادر ميسي وجاء نجم هوليوود ويل سميث على نفقته الشخصية بناء على نصيحة د.زاهي حواس، وأيضا لم يستغل وزير السياحة الضجة الإعلامية المصاحبة لزيارة سميث ولا انبهاره بالآثار المصرية، ورغبته في تكرار الزيارة بصحبة أسرته.. فكيف يمكن تنشيط السياحة وزيادة الدخل بوجود وزير غائب عن المشهد ولا يستثمر نجوم العالم الموجودين في بلده؟!
الجريدة الرسمية