رئيس التحرير
عصام كامل

الشامخ أمس.. المسيس اليوم


العجب كله من جماعة الإخوان الإرهابية وحزب "النشتاء"! المساندين لها، والداعمين لتمزيق الدولة بأي صورة كانت، فهؤلاء خرجوا علينا، في تباهٍ وزهو، بعد حكم المحكمة الإدارية العليا بمصرية تيران وصنافير، وظلوا يرددون نغمة قضاء مصر الشامخ العظيم، حصن الدولة المنيع... إلخ من شعارات، وبالمناسبة محكمة القضاء الإداري ما فعلته بالضبط هو رفض الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، ممثلة عن رئاسة الجمهورية والحكومة، وتأييد الحكم الصادر عن محكمة أول درجة "القضاء الإداري" ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي ضمن هذه الاتفاقية كانت "تيران وصنافير" ستنتقل إلى السعودية.


وبالمناسبة كذلك كان تقرير هيئة مفوضي الدولة قد أوصى المحكمة بإصدار حكمها برفض الطعن وتأييد حكم أول درجة، الصادر في يونيو الماضي.

بما يعني عدم تأثر القضاء مطلقًا برأي الدولة أو التأثير فيه، وبما يدعم من شموخه بالفعل واستقلاليته رغم وجاهة الرأي الذي يؤكد سعودية الجزيرتين بالأدلة والبراهين، لكن في النهاية حكم القضاء المصري له احترامه، فكان هذا الحكم بمثابة الانتصار من الجماعة وأنصارها النشتاء! وغيرهم على الدولة، وأخذوا يكيلون الاتهامات للدولة مع تأكيدهم نزاهة القضاء المصري..

رغم أن هذه الجماعة الإرهابية هي من تعتقد اعتقادا جازما بأن الوطن ما هو سوى حفنة عفنة من التراب! وبأنه لا يوجد ما يسمى وطن، وأن من حق الجماعة أيام سلطتها وممثلها الجاسوس في الحكم أن تتنازل عن جزء ضخم من سيناء لقطاع غزة أي لإسرائيل، وقبضت الثمن لذلك التنازل، كما من حقها أن تتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان، أي من حقها توزيع وتقسيم الوطن الذي هو حفنة عفنة من التراب، لكنها بالقطع هي التي تتاجر بقضية تيران وصنافير، وأن القيادة السياسية تبيع أرض الوطن !! وهذا بالقطع شأن الجماعة الإرهابية ومسانديها.

لكن نجد فجأة ذلك القضاء الشامخ تحول بين يوم وليلة إلى قضاء ظالم مسيس لا قيمة له عندما أدرجت المحكمة الجنائية نجم كرة القدم السابق محمد أبو تريكة على قوائم المنظمات والشخصيات "الإرهابية"، لأنه ثبت لها بالدليل القاطع أن أبو تريكة، مع غيره الكثير من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، أسهم في تمويل أعمال الجماعة الإرهابية ضد الجيش والشرطة والشعب، وبحسب قانون لمكافحة الإرهاب أقرته السلطات في 2015، تفرض على الأشخاص المدرجين على قوائم الإرهاب عقوبات تشمل منعهم من مغادرة البلاد، ومصادرة جوازات سفرهم وتجميد الأصول المالية.

وبغض النظر عن كون أبو تريكة لاعب كرة له بصماته الرائعة على الكرة المصرية لكن هذا لا يمنع أبدًا القضاء بأن يقوم بمهامه المنوط بها، فقد قدمت أدلة دامغة للنائب العام تثبت تورط أصحاب الشركة التي يشارك فيها أبو تريكة مع أحد القيادات الإخوانية في تمويل التظاهرات المناهضة لمؤسسات الدولة والداعمة للإرهاب، وكذلك تمويل بعض العمليات الإرهابية، وقد كان اللاعب المعتزل عضوًا بارزًا في جماعة الإخوان منذ أكثر من 10 سنوات، ولعب دورًا رئيسيًا أثناء حملة الانتخابات الرئاسية 2012، وحضر العديد من المؤتمرات الجماهيرية الداعمة لترشح الرئيس المعزول محمد مرسي.

وهناك معلومات مؤكدة وصلت لسلطات التحقيق تؤكد أن أبو تريكة قد قام بتزويد اعتصام الإخوان في ميدان "رابعة العدوية"، بعدد من المولدات الكهربائية والمواد الغذائية، فضلا عن توزيع مبالغ مالية خلال فترة الاعتصام، وأفادت معلومات أيضًا أن أبو تريكة زار عائلة أحد الإرهابيين متورط في قتل ضباط الشرطة بقرية كرداسة في محافظة الجيزة.

إذا الأمر في يد القضاء ويجب أن يحترم ذلك القضاء، لكن طبعا يحترم في حالة أحكامه مع الإخوان ومن ساندهم، أما إذا حكم ضد رغبتهم تجدهم يشعلون الدنيا –على الإنترنت طبعا لأنهم لا تأثير لهم في الشارع بالقطع– ويقيمونها ويكيلون كل الاتهامات للقضاء، وبالقطع يساندهم النشتاء! الذين أفرزتهم 25 يناير، وجعلتهم يشعرون بقيمتهم عند الجهات الأجنبية المانحة التي أعطتهم الأموال، وجعلتهم يركبون أفخم السيارات، ويمتلكون أرقى المساكن، ويتباهون بتدريبهم ضد مصر في الخارج، وبإحراقهم بعض المنشآت المصرية، بل صار بعضهم مذيعا في بعض الفضائيات التي لا تود الخير لمصر، وذلك بعد أن كان نكرة..

هذه "السببوبة" كادت أن تنقطع عنهم، لذلك يريدون إعادتها مرة ثانية بمحاولة إثارة الشعب للخروج في ثورة تدميرية يقبضون ثمنها من أسيادهم، وطبعا ضمن عنصر إثارة الشعب المتاجرة بقضية أبو تريكة، وجعله شهيدا مضطهدا لعل الألتراس يتعاطف معه يخرج لإثارة الشغب، فينضم له الإرهابيون من الإخوان والنشتاء! ويعيدون مصر للمربع صفر، وفي هذا الإطار نستطيع أن نفهم لماذا تلك الثورة العارمة على قرار المحكمة ضد أبو تريكة رغم أن القرار شمل المئات غير أبو تريكة، لكنه المقصود بالقطع لإثارة البلبلة واتهام الدولة والقضاء الذي كان بالأمس فقط شامخا!

ونحن هنا لسنا ضد أبو تريكة أو معه، لكننا مع أحكام القضاء أيًا كانت، وهذا القرار الذي صدر عن المحكمة بإدراج أبو تريكة على قوائم الجماعات الإرهابية لا يترتب عليه القبض عليه كما يردد الإخوان الإرهابيون، أو حبسه احتياطيا عقب عودته إلى أرض الوطن؛ لأن المادة 7 من القانون رقم 8 لسنة 2015 الخاص بشأن تنظيم الكيانات الإرهابية قد نص على عدة آثار قانونية تترتب على صدور القرار وردت على سبيل الحصر وهي: المنع من التصرف في أمواله وممتلكاته السائلة أو المنقولة، وإدراجه على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، وسحب جواز السفر الخاص به أو إلغائه ومنعه من إصدار جواز سفر جديد، وفقدانه لشرط حسن السمعة والسيرة اللازمة لتولي الوظائف العامة أو النيابية.

وتلك الآثار القانونية محددة المدة بما لا يتجاوز الثلاث سنوات حتى يصدر حكم جنائي نهائي وبات من القضاء باعتبار الشخص المندرج على قوائم الإرهاب مدان فعليا في إحدى القضايا المتعلقة بالإرهاب، وإلا وجب رفع اسمه من على قائمة الكيانات الإرهابية ما لم تصدر محكمة الجنايات قرارا آخر عقب انتهاء مدة الثلاث سنوات بإدراجه على القوائم الإرهابية لمدة مماثلة، كما أنه يجوز الطعن على هذا القرار أمام محكمة النقض خلال 60 يومًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية طبقا للمادة 6 من قانون الكيانات الإرهابية.

إذا الأمر في يد أبو تريكة وإثباته بالأدلة القاطعة أنه لا يمول الإرهاب، وأنه ليس ضمن تلك الجماعة الإرهابية، وسيبرئه القضاء الشامخ، بالفعل وليس بالقول، من تلك التهم إن ثبتت براءته بالفعل.
الجريدة الرسمية