رئيس التحرير
عصام كامل

القاعدة يعلن إقامة دولة إسلامية فى سوريا


من غير المحتمل، على المدى القصير، أن يكون لإقامة "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" تأثير كبير على الانتفاضة السورية. فـ "جبهة النصرة" تقوم بالفعل بلعب دور أساسى فى ساحة المعركة، والأهم من ذلك، تنخرط فى أعمال الإدارة المحلية للقرى وأجزاء من المدن فى شمال وشرق سوريا، بالتعاون مع الفصائل السلفية الأخرى مثل "حركة أحرار الشام الإسلامية".


إن قدرة الجماعة على توفير الأمن والاحتياجات الأساسية (الخبز والوقود) لمدنيين سوريين، فضلاً عن إعادة فتح المحلات التجارية وإعادة تشغيل خدمات الحافلات، قد أتاحت لها مساحة للمناورة حتى لو لم يتوافق الناس بصورة طبيعية مع أيديولوجيتها.

وعلى أية حال، لا يكاد يكون أمام السكان المحليين بديل آخر عند هذا المنعطف، فالسبب وراء صعود "جبهة النصرة" فى المقام الأول هو فشل الثوار المنتمون إلى "الجيش السورى الحر" فى توفير هذه الخدمات الأساسية. وبدلاً من ذلك، قامت بعض الفصائل بنهب وابتزاز المدنيين وفرض ضرائب عليهم تتجاوز طاقاتهم. وفى المقابل، باعت "جبهة النُصرة" سلعاً بأقل من تكلفة السوق ووفرت مستوى من الكفاءة والفعالية من خلال التخطيط الممنهج والمنظم للمدن.

ومع ذلك، فإن الإعلان عن "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" قد يؤتى بنتائج عكسية على المدى المتوسط إلى الطويل. وفى حين نالت مساعدات "جبهة النصرة" فى أعمال الإدارة المحلية تقدير المدنيين، إلا أن المزيد من الناس أصبحوا يظهرون علامات الامتعاض والاستياء بسبب فرص الجماعة للمعتقدات الإسلامية الصارمة. فقد انتقد السكان فى عدد من المدن "جبهة النُصرة" بسبب حظرها الكحول، وإجبارها النساء على ارتداء النقاب، وجلدها الرجال الذين يسيرون مع النساء فى الشوارع. وعقب إعلان بغداد، قد يكون هؤلاء الناس أكثر ميلاً للنظر إلى هذه التدابير على أنها فرض خارجى للإمبريالية الجهادية. وبعد بيان ما سبق، يرجح أن تتوطد قوة أعضاء "جبهة النُصرة" ونفوذهم بطريقة تحول دون أى رد فعل معاكس واسع النطاق على المدى القصير، طالما يُنظر إليهم كـ وسطاء عادلين عندما يتعلق الأمر بأعمال الإدارة المحلية.

ويظهر ذلك الحاجة إلى قيادة أمريكية فى الصراع السوري، وخاصة فيما يتعلق بمساعدة الثوار غير المنحازين لـ تنظيم «القاعدة»، على احتواء نمو "جبهة النُصرة" وجماعات مماثلة. يجب على واشنطن أن تحاول أيضاً الاستفادة من الانقسامات فى صفوف الثوار والسكان المدنيين، لأن "جبهة النصرة" هى خارج التيار الرئيسى ومعنية أكثر بتأسيس خلافة عابرة للحدود من الحفاظ على الدولة السورية.

* نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى

الجريدة الرسمية