التجربة السودانية
نحن نقترب وبشدة من التجربة السودانية والتى كانت مخطط لها منذ زمنٍ بعيد بنزع فتيل الفتنة الطائفية وحرق الكنائس والتى يُساهم فيها أيضاً بعض خُطباء المساجد بخُطَبهم التى تحذر من السلام على الأخوة المسيحيين وتهنئتهم فى أعيادهم فصدقها ونفذها أتباع من يُريدون تقسيم البلاد وتشتيت أوصارها وزرع الحقد والغل ليس فقط فى قلوب وعقول المسلمين تجاه الأقباط ولكن الخطة امتدت لأبعد من ذلك بعد استيلاء الإخوان على الحكم فأصبح المسلمون أنفسهم فرقًا تتناحر بِعنف بين مؤيدين ومعارضين للإخوان وبين سلفيين لهم أجندات خاصة يتحالفون مع من تربطهم به المصلحة وبين مدنيين يُريِدونها وحدة وطنية تضم جميع أطياف المجتمع كما كانت عليه البلاد قبل الثورة.
فأصبحت الأرض ممهدة جيداً والنيران فى القلوب والعقول جاهزة لتروى بذور الحروب الأهلية على أرض مصر. ثم ستأتى أمريكا لتُهدئ الوضع الشائك وتقسم الوطن إلى دويلات صغيرة وربما تعيد تقسيم مصر لتصبح جزءًا للأقباط وجزءًا للمسلمين المدنيين وجزءًا للسلفين وسيكون الإخوان منتشرون فى كل البقاع حيث إن فكرة الوطن لاتعنيهم فأينما وجدت الجماعة وجدوا وطنهم حتى لو كان مقر هذه الجماعة فى بدروم عمارة فستكون هى الوطن بالنسبة لهم.
وأكيد سيكون لكل دويلة جيش يحميها لذلك هم يحاولون هدم المؤسسة العسكرية بزرع الفتنة داخلها أو إيهام الشعب بوجود انشقاق داخل الجيش المصرى.
فالتاريخ يقول إن الإخوان لايستطيعون الحياة إلا فى هذا المناخ ولا تكون سيادتهم إلا بالتفريق بين فئات الشعب المختلفة وحيث وجدت أرض الجهل نما وازدهر الإخوان .
لم أر فى العالم المتقدم من بين دول أوربا وأمريكا والتى يسمونها بالدول الصليبية من يقيم الدنيا ويقعدها من أجل مختل أو مارق أو زنديق حرق كنيسة أو قتل كاهنًا أو نادى أو تظاهر من أجل غرائب الأمور ولا تجد الصراعات القبلية والعرقية والدينية مكاناً هناك ولكنها تلقى رواجًا كبيرًا على أرض العرب والمسلمين . ولا أعزى هذا إلا للجهل التى نعيش فيه وفى نظريات المؤامرة على الإسلام والمسلمين والتى صدعنا بها مشايخ الفضائيات والمشايخ السلفية وأنا لا أرى خطرًا على الإسلام إلا منهم هم أنفسهم.
فمنذ رأيت قتلة السادات وهم يحضرون العرض العسكرى صرخت وخبأت وجهى بين كفى يدى باكيًا وأغلقت التلفاز رحمة بدقات قلبى التى كادت أن تقف نهائيًا عن النبض من هول هذا المشهد . ولكننى عندما خلوت إلى نفسى وفى حجرة مكتبى تذكرت القصة التى لم أصدقها وأنا طفل فى السادسة من عمرى والتى نقلها معارضو السادات عندما انتصر فى حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان سنة 73 وهى أن السادات رحمة الله عليه قد اتفق مع إسرائيل بحضور أمريكان على عمل تمثيلية على الشعوب بحيث تحقق مصر جزءًا من الانتصار ولكن عندما طمع الجيش فى تحقيق مزيد من الانتصار حدثت الثغرة المعروفة.
تصوروا .. حتى الانتصار الذى شهده العالم صوتًا وصورة وصرخت إسرائيل من كشفها وفضحها أمام العالم تخرج هذه الخرافة الساذجة والعجيب أنها لاقت آذانًا تسمعها وتُصدقُها وترويها وتنقلها . وهل يعقل لخلاف شخصى مع رئيس جمهورية سجننى ظلمًا أو بحق أن أُصدق عنه أى خرافة ساذجة وأشارك فى تشويه سمعته والغريب أن الانتصار لم يعد على السادات وحده بل للشعب والأجيال القادمة ولكن هى الأحقاد والضغائن التى تعمى الأبصار وتكبل العقول عن التفكير السليم المنطقى .
قصصت هذه القصة حتى تقيسوا معى ما يحدث الآن فهو نفس السيناريو( إن اختلفت معك سأشوه تاريخك وأكذبه وأن انتصرت عليك سأمحوه تماماً من كتب التاريخ) .