رئيس التحرير
عصام كامل

نائب البرلمان وكبار علماء الأزهر الشريف


بدلا من شكر الأزهر على الجهود التي يقوم بها شيخه الفاضل وعلماؤه الأوفياء تجاه دفع الشبهات عن ديننا وإلجام المتطرفين الذين يقدمون الدين للعالم في صور دموية ولا عقلانية ويحاولون خطف عقول الشباب البيضاء وحشوها بمصطلحات فهموها خطأ كالجهاد والحاكمية والتطرف وغير ذلك؛ بدلًا من شكر الأزهر في كفاحه ضد كل منحرف وحشد العالم الإسلامي معه في ذلك حفاظًا على بيضة الدين رأينا بعضا من المعوقين فكريا يريدون أن يلقوا الغبار على ذلك ويخرجون في الإعلام ليلا ونهارا والأزهر في الميدان ليفتروا عليه الكذب وينتقصوا من قدره.


ويجاهدون في دفع تقدير أهل مصر والعالم له ولإمامه بل يحاول واحد من هؤلاء أن يدفع بالبرلمان المؤسسة العريقة ليكون في منازلة مع الأزهر وعلمائه، وهدد قائلا على الفضائيات إنه سيحشد الحشود في البرلمان لحوكمة الأزهر وتحديد إقامة جبرية لأفكار علمائه، ثم شاهدناه يصرخ صرخة عنترية قائلًا: «معي بالفعل أكثر من مائة وعشرين عضوا يقفون خلفي» - لتحقيق مخططه تجاه الأزهر - ونسي المسكين مقالة القائل: «أسد علىَ وفي الحروب نعامة...».

بل ادعى أن ذلك من حقه وأنه يملك ناصية التشريع القانوني وبإمكانه أن يغير ويبدل ويدخل من يشاء ويخرج من يشاء في هيئة كبار العلماء، ونحن وإن كنا لا ننكر حقه التشريعي في المجلس فإننا نستنكر هذه اللهجة العنترية اللامعهودة تجاه أكابر العلماء وحكماء الأمة فهؤلاء بعلمهم ومؤلفاتهم وحجم ثقافتهم العريض لا يليق أن يتفوه عضو محترم عنهم بهذا الأسلوب الغريب، وهذا التهديد والوعيد؛ فهم كبار العلماء في العالم الإسلامي كله سواء رضى عنهم هذا المستأسد أو لم يرض.

وهؤلاء خدموا دينهم بأعمارهم المديدة وبارك الله في جهدهم، ويعلمون وهم في أعمار متقدمة أن ضمائرهم هي الدينامو المحرك لهم وأن رضا ربهم هو غايتهم، وأن الأمن الفكري والعقدي والوطنى لأبناء وطنهم هو غاية أمانيهم؛ فلا ينتظرون وهم في العمر المبارك هذا مناصب دنيوية، ولا كراسي وزارية، ففيهم من كان وزيرًا ومن كان مفتيًا ومن كان رئيس جامعة، ومن كان عميدًا، ومن كان رئيس قسم في كليته، بل فيهم القضاة، ورجال محاماة.. إلخ.

فمن ذا الذي يستطيع أن يزايد عليهم ويحاول الانتقاص من عملهم وعلمهم وزج البرلمان في معركة معهم اللهم إلا إذا كان مدفوعا أو عاجزا عن القيام بدوره فيما أسند إليه من مهام في مجلسه.. فليس هناك من سبيل أمامه سوى الأزهر الشريف ليدخل في لعبة فاشلة معه، متهمًا إياه بالأخونة وعدم القدرة على تجديد الخطاب الديني!! ومتى يكون ذلك؟

إنه على الفضاء وفي الليلة التي يقيم فيها الأزهر مؤتمره العالمي حول المواطنة، ويستضيف أكثر من خمسين دولة من أنحاء العالم على أرض مصر، وبرعاية رئيسها المحترم؛ يخرج العضو البرلماني على الهواء لا ليشكر الأزهر بل ليعرض بسمعة علمائه، ويلصق بهم اتهامات لا أصل لها، وكأنه يقول للضيوف أنتم أخطأتم الطريق فمضيفكم لا يستحق سفركم لمصر، ولا احترامكم له!!

لقد وصل الغباء السياسي بالمهاجم إلى هذا المستوى، ولم ينتظر ذهاب الضيوف، ولم يحترم رعاية ولى الأمر لهؤلاء ومن استضافهم وهو الأزهر الشريف.

على كل حال نحن كنا نود للعضو الذي انتخبه فريق من شعب مصر الكريم أن يقدر مشاعر من انتخبوه تجاه أزهرهم الذي أحبوه، وأرسلوا إليه أبناءهم ليتعلموا فيه، فلا يوجد بيت أو شارع أو قرية في مصر إلا وفيها من تعلم في الأزهر، وعلى يد هؤلاء الأفاضل، أو تلاميذهم من الأساتذة في جامعة الأزهر، ولا يوجد منبر من منابر مصر إلا ويقدم خطباؤه النصائح والعظات للمصريين على ضوء المنهج الوسطي الذي تعلمه في الأزهر.

ونحن على يقين أن مجلس النواب مزدحم بالأفاضل أبناء الأصول الذين يرفضون لغة الهجوم التي حملها النائب ورشق بها أكابر علماء الأزهر الشريف؛ كاتهامهم برعشة الأيدي، وضعف الذاكرة الخ مما تفوه به في الإعلام.

بل كنا نود أن يحافظ النائب المحترم على نعم الله عليه فبعد أن كان محفظًا للقرآن في مسجد الحصري - وهذا من أعظم المهن - صار نائبا للشعب في عهد الإخوان ثم الآن؛ بل رأيناه في الزمن الماضي أول من يهاجم المجلس العسكري ويستخدم نفس اللغة العنترية - التي يستخدمها الآن تجاه علماء الأزهر - ودعا لإسقاطه في البرلمان بصوت جهوري عدة مرات ( ومسجل ذلك صوتا وصورة ) ناسيًا أن هذا المجلس حفظ - بفضل الله - أمن مصر وفيه قادة أفاضل... فليس من الغريب إذن أن يهاجم أفاضل العلماء في زمن الوفاء فيه صار غريبًا.. وشكرًا كبار علماء الأزهر.
الجريدة الرسمية