رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 29


غاب الانتماء لمصر عن أغلب من أيدوا تلك النكسة واحتضنوا فيها الانتقام وظنوا أن تلك المأساة ستُحقق مصالحهم، رغم أنها قامت على الإقصاء للكثير من المصريين منذ لحظاتها الأول وتعرضت بالتسفيه للأغلبية الصامتة من المصريين، وأطلقت عليهم "حزب الكنبة"، رغم أنه ظهر مع الوقت، بأن هؤلاء المصريين الذين صمتوا فى البدايات، هم أكثر من أدرك الحقيقة من أول يوم.


فما بالكم بالبلطجية الذين هم بلا هدف ومهنتهم الأساسية هى انتهاك القانون، وقد شكلوا عماد المواقع المختلفة التى قُتل فيها أبرياء مصريون وتم الاعتداء فيها على الوطن؟! بالتأكيد هؤلاء انتماؤهم الأول للمال، ويصبح سؤالهم عن أى قيمة، هو نوع من العبث!!

فكل النكسة وكما يرى هؤلاء، كانت "سبوبة حلوة، فيها قرشين كويسين". فأغلبها يتكون من خلق للفوضى، ولا يهم لصالح من تكون، فالإنتماء مفقود كُليًا من هؤلاء. وقد دافع عنهم من يُعرفون مجازًا "بالثوار" أو قل المتظاهرون وأتباعهم من نخبة خاوية، دفاعًا مُستميتًا فى إطار حقوق إنسان "جديدة"  تابعة لهم دونما اعتناء بحقوق الوطن، وقد سهلوا بدفاعهم هذا خلق مناخ من انتهاك القانون، ليُصبح ما يفعله مرسى اليوم فيهم وفينا وفى الوطن كله، مساويًا لكل ما أيدوه فى الماضى من انفلات أمنى، وكأنهم كانوا يقننوا "قانون الغاب"!!

لقد كنت مندهشًا، بل مصدومًا، بأن بيننا مواطنين مُتعلمين أو أنصافهم، على هذا القدر من البلاهة، التى عُبر عنها بتأييد الفوضى فى البدايات بشكل غير مسبوق، بل وصفقوا لها، بشكل لا يمكن أن يحدث إلا فى جمهورية الموز. كنت أعانى بسبب ذلك، حيث إن كل هذا كان لا يعنى إلا أن كل شىء يتصاعد ليصل إلى ضعف وطنى ومن ثم حرب فى مصر من جراء تنامى العنف الذى يراه هؤلاء البُلهاء "بطولة"، حتى فقدت البطولة كلها معناها وصار الصعاليك أبطالًا!!

لقد أسس كل هذا لما نحياه اليوم من تعدٍ على كل قيمة بما فى ذلك أحداث الفتنة الطائفية التى لا أرى الإخوان فقط مسئولين عنها، ولكن من شرع للبلطجة من البداية ودافع عنها، من مُتظاهرين!!

والغريب فى الأمر، أن نفس هؤلاء البلطجية أصبحوا سيئين بالنسبة للثوار بعد أن حكم الإخوان، حيث أصبح الإخوان يستخدمونهم ضد المتظاهرين فى سياق طبيعى للغاية، ومتسق مع ما كان المتظاهرين يدافعون عنه. وهو أمر عادى جدًا فيما يتعلق بالبلطجى الذى لا دين له ولا وطن، حيث أهم ما يرجوه هو الحصول على المال وفعل أى شىء فى المقابل، لأن صنعته هى انتهاك القانون!!

لقد دافع المتظاهرون عن هؤلاء البلطجية فى مواقع مثل محمد محمود ومجلس الوزراء، بينما رأوهم أشرارًا فى المواقع التى استخدم الإخوان فيها نفس هؤلاء البلطجية، ضدهم، ليظهر كون المتظاهرين مُلقنين كالببغاوات يرددون ما يُلقى إليهم عن حقوق منتقصة للإنسان حيث إن حقوق الإنسان دونما سيادة للقانون، لا تعنى أى شىء، وإنما تعنى تقنين انتهاك آدمية الإنسان نفسه!!

لقد انتهك المتظاهرون الإنسان المصرى، بدفاعهم عن البلطجية ودفع المحركون منهم المال لهم، لقاء اعتدائهم على مُنشآت مصر، ليكون كل ما طالبوا به مُشكلًا فى حقيقته لكذبة كبيرة، وليس مُعبرًا عن أى ثورة!!

وهنا لابد من طرح سؤال حتمى:  لماذا كانوا ينتقدون نظام مبارك، طالما أنهم فى النهاية يدافعون عمن ينتهك دولة القانون من مأجورين؟! ألا يتناقض هذا كليًا مع كل ما طالبوا به من شعارات ثورية وتغيير للأفضل؟؟؟

واضح أن الإخوان، ليسوا الكاذبين الوحيدين فى مصر!!
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادى.
وتبقى مصر أولًا دولة مدنية.

الجريدة الرسمية