رئيس التحرير
عصام كامل

قنصل مصر في نيويورك: نعرف المصريين هنا بالاسم ونحاول حل مشكلاتهم المستعصية

فيتو

  • الجالية المصرية تحظى بقبول من السلطات الأمريكية لأنها لا تسبب مشكلات
  • القنصلية جهة خدمية تتبع سياسة الباب المفتوح
استطاعت القنصلية المصرية في مدينة نيويورك الأمريكية أن تحقق نجاحات كبيرة في اتجاه لم شمل أبناء الجالية المصرية الذين التفوا حولها. وفي نيويورك، وعن القنصلية والجالية والإدارة الأمريكية والعديد من الأمور الأخرى كان لـ "فيتو" مع القنصل "أحمد فاروق" الحوار التالي:


* تحظى القنصلية بسمعة طيبة بين أبناء الجالية المصرية الذين يلتفون حولها، وهو ما لا نراه في أماكن نظيرة أخرى، ما السر في ذلك؟
أولًا التوجيه الأول والأساسي للقيادة المصرية ووزير الخارجية المصري لكل أفراد البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج، من درجة الملحق وحتى درجة السفير، هو رعاية مصالح المواطنين.. وما قامت به القنصلية المصرية في نيويورك هو تفعيل سياسة الباب المفتوح؛ فجميعنا كأفراد في القنصلية نرحب بالاستماع والاستفادة من اقتراحات أي فرد من أبناء الجالية، ونحاول قدر الإمكان أن نذلل العقبات وأن تحل المشكلات المستعصية لهم، ونحن نعرف المصريين هنا بالاسم وحالاتهم المختلفة.

*ما هو الدور الأساسي الذي تقوم به القنصلية المصرية في نيويورك؟
القنصلية بشكل عام هي جهة خدمية تقدم كل الخدمات القنصلية الخاصة بالأنشطة المدنية لأفراد الجالية المصرية. ونحن نراعي أننا نخدم أحد عشر ولاية مختلفة بالساحل الشمالي الشرقي الأمريكي، وبالتالي فأفراد الجالية يسافرون مسافات كبيرة لكي يأتون إلينا، وبالتالي نتوقف عن تلقى المزيد من التعاملات في الثانية عصرًا، ونظل نعمل حتى ننتهي منها جميعًا في اليوم ذاته لكي لا يضطر أي شخص للمبيت في نيويورك أو للقدوم مرة أخرى.

* إذن فكل المعاملات تنتهى في يوم تقديمها؟
هذا يسري على كل المعاملات عدا تلك التي تحتاج إلى العودة للقاهرة مثل جوازات السفر والبطاقات وشهادات الميلاد وصحف الحالة الجنائية.

*وهل يمكن استخدام شبكة الإنترنت كوسيط للتسهيل على أبناء الجالية؟
بالفعل لدينا صفحة إلكترونية يتم تحديثها أولًا بأول لكي نتمكن من تقديم الخدمات عبر البريد الإلكتروني لتجنيب أفراد الجالية مشاق السفر؛ لأن المسافات هنا شاسعة.

*وكيف تتعامل القنصلية مع الطيف الواسع للانتماءات السياسية داخل الجالية المصرية؟
القنصلية جهة خدمات، ولا يمكن حجب تلك الخدمات عن أي مواطن مصري، ولا يمكن كذلك أن نُغلق الباب في وجه أي مصري أيًا كانت انتماءاته وتوجهاته السياسية. وبالتالي فنحن نتعامل بحرفية ونقف على مسافة واحدة من كل أبناء الجالية المصرية. ونحن نحترم كل أطياف الجالية.. وبالطبع هناك من ابتعدوا تمامًا وهم أحرار في ذلك بالطبع.

*قلت قبل ذلك إن بأمريكا نحو مليون مصري، منهم ما يقرب من نصف مليون في الجانب الشرقي. كيف أمكن حصر مثل هذا الرقم؟
مبدئيًا من الصعب جدًا أن نحصر أعداد المصريين بدقة، لأن الجهة الوحيدة التي يمكنها فعل ذلك هي السلطات الأمريكية، وعدما نتوجه لها للسؤال عن أعداد الجالية المصرية فإنهم يعطوننا أعداد الدارسين والسائحين والقادمين في مهمات أخرى كالعلاج على سبيل المثال. ولكن القطاع العريض من الجالية هم من الحاصلين على الجنسية الأمريكية، وبالتالي فهم مواطنون أمريكيون، وبالتالي فإن السلطات الأمريكية ترفض إمداد أي جهة بأية معلومات عنهم بوصفهم تحت مظلة الحماية الاجتماعية الأمريكية.. والقنصلية على مدى نصف قرن استطاعت أن تؤسس قاعدة بيانات للجالية بها أكثر من خمسة وخمسين ألف مواطن مصري مسجل بالقنصلية، كل منهم هو رب أسرة تتكون في المتوسط من خمسة أفراد، غير شبكة الأصدقاء والجيران من غير المسجلين، وبالتالي فالرقم يقترب من نصف المليون في ولايات الساحل الشمالي الشرقي، ونظن أنه ضعف ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية كلها.

*وهل وصل الأمريكيون من أصل مصري إلى مناصب مرموقة في الدولة المصرية؟
ربما يكون مصطلح المناصب المرموقة نسبي إلى حد ما، لكن بشكل عام فإن معظم أبناء الجالية المصرية ينجحون في تبوأ مكانة كبيرة، فمنهم قضاة ومحامين ونماذج بارزة وناجحة في كل ميادين العمل في الولايات المتحدة الأمريكية.

*وكيف تنظر السلطات الأمريكية للجالية المصرية؟
مصر دولة محبوبة هنا، ولها شعبية كبيرة. الجالية المصرية في الولايات المتحدة تحظى بقبول من السلطات الأمريكية التي تنظر لها على أنها من الجاليات المسالمة التي لا تسبب مشكلات، ولا يشكلون عصابات منظمة، كما يحدث في بعض الجاليات الأخرى، كما لا يشتركون في جرائم كبرى، كالتهريب والخطف مثلًا، كما أنهم يحرصون على تعليم أنفسهم وأبنائهم ويتطورون في المجتمع.

*الإدارة الأمريكية الجديدة تثير بعض المخاوف لدى أبناء الجالية، كيف تعاملتم مع تلك المخاوف؟
بشكل عام لا يوجد مخاوف لدى الناس هنا، لكن ربما يكونون في مرحلة انتظار وترقب، وحتى الآن لا يوجد ما يمس الجالية المصرية ولا الدولة المصرية. وبطبيعة الحال فإن عموم الجالية المصرية تترقب كل ما يصدر عن الإدارة الجديدة باعتبارهم مواطنين.

*ما هي إمكانية أن تكون الجالية نواة لتكوين لوبي عربي قوي ومؤثر في الولايات المتحدة؟
علاقة مصر بالعرب هي مسألة يحكمها التاريخ والجغرافيا واللغة والعادات وغيرها من العناصر المشتركة، والثقافة المصرية هي عنصر الجذب الأساسي للجاليات العربية. ولكن عملية تكوين اللوبي تحتاج إلى عمل منظم من الجاليات والقوى المؤثرة داخل كل جالية، والعرب ليسوا قليلي العدد، كما أنهم يحتلون مناصب عليا في كل المجالات بالدولة الأمريكية، وبعضهم وصل إلى الكونجرس وإلى مكاتب ولجان بالبيت الأبيض، ويمكنهم أن يخدموا قضايا الوطن العربي بشكل أفضل مما هو حادث الآن، والأمر يحتاج إلى تنظيم وإلى إرادة منهم لتوحيد جهدهم داخل الولايات المتحدة.

*ما الذي يمكن أن تقوم به الجالية المصرية من فعاليات ومؤتمرات مثلًا برعاية القنصلية لتحسين الصورة الذهنية لمصر في أمريكا؟
دخول الجهات الرسمية في تنظيم أو الإشراف على أية فعاليات لا يجعل للأمر قبولًا من الجانب الأمريكي لأنهم يستشعرون أن الموضوع مرتب له؛ ولذلك فالمناسبات والفعاليات تقوم بها الجمعيات والهيئات الكثيرة المنتشرة والتي تفعل ذلك دون تنسيق بينها. ولكل مواطن مصري في الجالية دائرة معارف من المواطنين الأمريكيين، في مكان عمله أو إقامته مثلًا، وتتم دعوة الجميع إلى تلك الفعاليات مما يساهم في تحسين صورة مصر وتحسين صورة الوطن العربي بشكل عام في المجتمع الأمريكي.

*وما هو تقييمك لهذا النشاط الذي تقوم به الجالية المصرية هنا؟
النشاط الاجتماعي للجالية هنا لم أرَ مثله في أي منطقة أخرى خدمت بها طوال حياتي المهنية، وهو نشاط ملحوظ ومكثف. والجالية تتكون من مجموعة من الجمعيات والهيئات كل في مجاله، كالأطباء والمهندسين وغيرهم. وقد حاولت القنصلية توحيد العمل في كل تلك الجهات التي لا يمكن بالمناسبة توحيدها جميعًا تحت مظلة واحدة لاعتبارات كثيرة، ولكننا نحاول قدر الإمكان فعل ذلك في مناسبات معينة، ليست فقط من أجل الترفيه أو الالتقاء الاجتماعي، ولكن هناك العديد من المناسبات الاجتماعية التي تخدم بفعالية أعمالًا خيرية في مصر. وأفراد الجالية يأتون لتلك المناسبات حتى دون دعوة، ويقدمون مساهمات سخية، فيما يعتبرونه ردًا للجميل للوطن الأم.

*هل ترى أنه من المفترض أن يكون للجالية المصرية وسائل إعلام معبرة عنها، كجرائد أو قنوات موجهة لمصر؟
الجالية لها بالفعل مجموعة من الصحف المتميزة يشرف عليها بالكامل مصريون، وهي تناقش شئون الجالية ومصر وكذلك شئون أمريكا المتقاطعة مع مصر، وبهذه الوسائل كُتاب متميزون تقرأ لهم. كما أن هناك بعض المحطات التليفزيونية العربية التي تحقق نسب مشاهدة عالية بين أبناء الجاليات العربية.

*إذن هل يمكن أن يحقق هؤلاء استفادة للإعلام المصري الموجه للولايات المتحدة؟
بالطبع، الجالية تستطيع أن تفيد الإعلام المصري بحكم معايشتهم لوسائل الإعلام الغربية المتطورة، والأهم من ذلك هو معرفتهم بكيفية مخاطبة العقل الخارجي، وهذه نقطة مهمة للغاية. كما أن لغتهم أصبحت كلغة أهل البلد، بحكم أقامتهم هنا لسنوات عديدة، وبالتالي فهم قادرون على توصيل الرسالة الإعلامية بكفاءة عالية.

*بشكل عام، هل يمكن الحديث عن جهة واحدة في نيويورك كمُعبر وحيد عن الجالية المصرية أو عن أي فصيل داخلها؟
لا أبدًا، ولكن هناك جهات عديدة جديرة بأن تمثل الجالية المصرية، وهي تحظى باحترام وتقدير.

*أخيرًا: هل يمكن اعتبار الجالية المصرية جماعة منغلقة على نفسها؟
إطلاقًا، فهي منفتحة على المجتمع الأمريكي، وقامت بنوع من التكامل والتعايش مع المجتمع الأمريكي، وهو يعيشون بأجسادهم في الولايات المتحدة بينما قلوبهم في مصر.
الجريدة الرسمية