طارق شوقي.. الوزير المطارد
منذ اللحظة الأولى لإعلان اسم الدكتور طارق شوقي وزيرًا للتربية والتعليم والتعليم الفني، خلفًا للدكتور الهلالي الشربيني وزير التعليم السابق، وهناك حالة من الترقب والترصد لكل خطوة يخطوها الوزير الحالي؛ بل إن الأمر تجاوز حد الترقب إلى مرحلة الملاحقة ما قد يمثل عبئًا نفسيًا يفوق في بعض الأحيان أعباء الملفات المفتوحة والقضايا العالقة في التربية والتعليم.
الوزير الذي يعقد عليه المهتمون بالشأن التعليمي آمالًا عريضة، لإحداث نقلة نوعية في المنظومة التعليمية بات مطاردًا من الجميع، حتى وصل الأمر إلى حد قد يصعب معه تحقيق أي شيء من المأمول، فحركات وائتلافات ونشطاء المعلمين تطالب الوزير بمتابعة صفحاتها والرد على آرائهم وأطروحاتهم عبر موقع التواصل الاجتماعي، وكذلك روابط أولياء الأمور الذين وجدوا في الوزير الحالي الآذان الصاغية لسماع آرائهم ومقترحاتهم، وأخذها بعين الاعتبار، الجميع لهم حق أن يتم السماع لهم؛ لكن هذا الكم من الضغوط والملاحقة والمطاردة قد يأتي بنتائج عكسية وينتهي إلى غلق قنوات التواصل التي بدأ يستغلها البعض بشكل سلبي في تهديد الآخرين، أو ردع الخصوم باعتبار أنهم على صلة مباشرة بالوزير.
ولعل ما حدث من إحدى قيادات وزارة التربية والتعليم والتي هددت أحد موظفي الأمن الإداري بالوزارة خير دليل على سوء فهم علاقة التواصل مع شخص وزير التعليم، فالقيادة المذكورة هددت موظف الأمن؛ لأنه تجرأ وحاول القيام بواجبه بمنع أي شخص من ركن سيارته أمام بوابة قصر الأميرة فائقة الذي يوجد به مكتب الوزير، إلا أن هذا التصرف لم يلق استحسان المسئولة التي قالت لموظف الأمن "أنا هاركن العربية بتاعتي في أي مكان يعجبني ويبقى حد يمنعني.. أنت متعرفش أنا مين أنا صاحبة الوزير من زمان وأعرفه من قبل ما يجي الوزارة"، وحملت كلماتها إشارات لموظف الأمن أن يلتزم الصمت ويأكل عيش.
مثل هذه الأمور بدأت تنعكس على بعض المواطنين، وعدد من أولياء الأمور، وبعض الموظفين الصغار، الذين تجاوب معهم الوزير الحالي واستمع لمشكلاتهم، وهذه لمحات إيجابية تؤكد أن هناك ثقافة مغايرة يريد الوزير الحالي أن يرسي قواعدها في التعامل مع المواطنين وكل من له مظلمة أو صاحب فكرة إيجابية، إلا أن البعض أساء تفسير تلك الأمور، وبدأ عدد كبير من المسئولين في الإدارات والمديريات التعليمية يتضجرون من تعامل هؤلاء الأشخاص والذين يرغبون في أن يتعامل معهم المسئولون باعتبار أن " على رأسهم ريشة"، لأنهم يستطيعون الوصول إلى الوزير.
فكما أن هناك وزيرًا يحاول أن يرسي قواعد إيجابية في التعامل، فمن البديهي أن تكون هناك محاولة جادة من الجميع لتغيير ثقافة التعامل والتواصل وبدلًا من اتباع سياسات الضغط المتواصل والملاحقة المستمرة، علينا أن نتعامل بسياسة المراقبة مع ترك مساحة للعمل والحركة، وكذلك تغيير ثقافة "أنا على علاقة بالوزير".