رئيس التحرير
عصام كامل

عصر المؤتمرات


وقف مدرس العلوم يشرح لتلاميذه، أن "الديناصورات" انقرضت من فوق الكوكب نتيجة تغير المناخ بينما انقرضت "الفراخ" من فوق المائدة نتيجة تغير الأسعار ثم ضرب الجرس؛ فأجهش التلاميذ بالبكاء حزنًا على الجرس المضروب ولعلمهم بأن حلم البروتين الحيواني صعب المنال.


توجه المدرس إلى منزله وفي الطريق قبض عليه أمين شرطة بتهمة زعزعة الاستقرار ثم سأله (من الذي حولنا من مواطنين إلى مستهلكين، ومن دولة وطنية لها سيادة إلى سوق عالمي به بضائع؟) رد المدرس بأن سعادتنا ببناء "المول" لا يجب أن تُنسينا بناء "السد" وإننا إذا تحولنا إلى أشباه دول فهذا لكون بعض المسئولين أشباه رجال.

في الطريق إلى القسم هتف رجل عجوز قائلًا (أمين الشرطة الفاسد حالة فردية لا تمثل الوزارة) وعندما سمعنا صوت انفجار قنبلة أكد لنا العجوز بأنه إذا تبقى اثنان مسلمان فقط في العالم وفجر أحدهما نفسه فإن واجب الأخير أن يقول (هذا لا يمثل الإسلام)..

صرخ المدرس في وجهه بأن شهداء سيناء يضحون بأرواحهم، وسكانها يتركون منازلهم لأننا لا نصحح المفاهيم أو نواجه الأخطاء بعد أن تحول "قبول" الآخر إلى بناء "قبور" لكل آخر.. ضرب أمين الشرطة المدرس وأخبره بألا يسمي هذه الأحداث "تهجير" واقترح عليه أن يسميها "تغريد" على اسم بنت عمته باعتبار أن الأهم من معالجة الكارثة إعطاؤها المسمى العلمي الصحيح، ثم أخبره بأننا تركنا عصر مواجهة "المؤامرات" ودخلنا عصر إقامة "المؤتمرات".

دخل المدرس إلى القسم، فاجتمع حوله الضباط وأحضروا "تورتة" وقالوا له إن الذكرى الخمسين لنكسة يونيو قد اقتربت وإنهم يعدون الجمهور بالمزيد من المفاجآت طالما استمرت سياسات الدولة دون تعديل.

طلب المدرس أن يعرف تهمته، فأخبروه بأنه لم يحصل على "التحصين الثلاثي" فهو ليس من رجال الأعمال أو رجال السلطة أو رجال الدين حتى يأمن بنفسه داخل المجتمع وإنه حصل فقط على "التطعيم الثلاثي" ضد الأمراض بجانب بعض الشهادت العلمية التي لن تحميه من قبضة العدالة أو تمنعه من دخول الزنزانة.

في النهاية قالوا إنهم سيتركونه إذا أثبت ولاءه للوطن عبر تسميع خطبة للرئيس أو شرح برنامج الحكومة فطلب منهم أن يدلوه فورًا على مكان أقرب زنزانة.
الجريدة الرسمية