أوروبا تنقلب على أردوغان وميركل تقدم هدية ثمينة للسيسي (تحليل)
انشغلت وسائل الإعلام الدولية والعربية والمصرية، بزيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى القاهرة، وسر التقارب اللافت بينها وبين الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعدما اتسمت العلاقات بالفتور، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وسقوط مشروع الإسلام السياسي في المنطقة.
وبالرغم من تركيز الإعلام والخبراء على الجوانب الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية، ومكاسب مصر من زيارة المستشارة الألمانية، لم يذهب أحد بشكل مباشر إلى صلب هدف الزيارة، واندفاع ميركل المفاجئ لتوطيد العلاقات، وغض الطرف عن ملف الحقوق والحريات، التي تحمله امرأة برلين الحديدية، خلال زيارتها لدول الشرق الأوسط.
بعيدا عن المنح المالية والمكاسب المؤقتة، التي تم حصادها في المباحثات الثنائية، هناك مدلول آخر للزيارة، لم ينل نصيبه المستحق من زيارة المستشارة الألمانية إلى القاهرة.. ترصده «فيتو» في السطور التالية:
خلال نصف العقد الماضي منذ تراجع الدور المصري، خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والخمسية التالية عقب سقوط نظامه، وقعت القارة العجوز في مأزق غياب شريك إقليمي فاعل، تعول عليه في التنسيق، ولملمة الخلافات، واحتواء الأزمات، ومع رحيل العاهل السعودي السابق الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تفاقمت أزمة الشركاء الإقليميين.
غياب الشريك العربي فتح أبواب المنطقة على مصراعيه للعثمانيين الجدد- الأتراك؛ لتقديم أنفسهم كملاك لمفاتيح منطقة الشرق الأوسط، ولعب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دوره جيدا، وقدم نفسه بديلا للشركاء التقليديين، لعب أنقرة دور الشريك الإقليمي، مكنها من ابتزاز الغرب، عبر ملف اللاجئين السوريين، الابتزاز التركي هذه المرة لم يقتصر على مغناطيس جذب الأموال الغربية، مقابل إغلاق «بحر إيجة» في وجه اللاجئين، والمساومة بدماء العرب، ارتدت قناع القبح بالمطالبة بالحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، الذي يلهث وراءه الأتراك.
والمناوشات العلنية واللكمات المتبادلة بين برلين وأنقرة، التي زادت وتيرتها خلال الشهور الماضية، بعد إثبات فشل عراب الإسلام السياسي في المنطقة- أردوغان- في تقديم المطلوب منه بالصفقة الثنائية، وزادت وتيرة الهجمات الإرهابية في أوروبا.
ميركل داخل منظومة الاتحاد الأوروبي، لا يقتصر دورها على الداخل الألماني، وتمتلك دفة التحريك لقرار القارة برمتها، بعد خروج بريطانيا، وعلى ما يبدو أن المستشارة الألمانية فضلت العودة للخيار المصري، وتسليم "السيسي - القاهرة" قيادة المنطقة مجددا، بعدما لاحظت الاستقرار النسبي في الأوضاع السياسية والاقتصادية، بهدف فسخ عقد الابتزاز مع أردوغان، وقطع يده العابثة في مقدرات الدول العربية.
وعلى ما يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من التعاون والتنسيق مع الجانب المصري، في الملفات العالقة، وبشكل مباشر الملفين؛ السوري والليبي، لما تملكه القاهرة من أوراق رابحة، على طاولة الأزمات، وقبول جميع الأطراف المتصارعة بدورها؛ لتحدثها بلسان عربي، بعيدا عن اللهجة الطائفية، وعدم استغلالها الأزمات لتحقيق مكتسبات خاصة، الأمر الذي جعل الجميع يتحدث الآن عن ضرورة عودتها لممارسة دورها الريادي.