رئيس التحرير
عصام كامل

HSBC: قرار تحرير سعر الصرف تم بسلاسة واحترافية فائقة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كشفت دراسة حديثة نشرتها شركة HSBC للدراسات الدولية في مجال الاقتصاد، أجراها الباحثان سيمون ولياميز  Simon Williams ورزان ناصر Razan Nasser  عن الإنجاز غير المسبوق الذي حققته مصر في مجال التحول من نظام السعر الثابت إلى نظام تحرير سعر الصرف، وأشارت إلى أن هذا الانتقال تم بسلاسة واحترافية فائقة.


وأكدت أن هذه البداية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى في مصر تعتبر بداية استثنائية وغير عادية، نظرًا للقدرة الفائقة على اجتياز هذه المرحلة الصعبة بأقل قدر من الخسائر.

وأشارت الدراسة إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذي تنفذه مصر، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى، يقوم على أربعة ركائز: 

1. إعادة التوازن إلى الاقتصاد من خلال تعديل بعض السياسات المالية والنقدية والتغيير في سياسة سعر الصرف. 

2. تقوية نظام الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعى من خلال إعانات الطعام والدعم النقدى. 

3. إصلاح هيكلى يؤدى إلى ارتفاع درجة النمو الافتصادى، وإلى تحقيق النمو الشامل، وخلق المزيد من فرص عمل، وتشجيع التصدير.
4. تحقيق الاستقرار من خلال زيادة احتياطي البنك المركزى من العملات الأجنبية.

وأشارت الدراسة إلى أنه قد تحقق قدر كبير من التقدم في كل مجال من هذه المجالات الأربعة خلال الأربعة أشهر الماضية (من 3 نوفمبر وحتى الآن).. غير أن هناك المزيد الذي يجب القيام به في كل مجال من هذه المجالات.

وأوضح الباحثان في دراستيهما إلى أن هذا الإصلاح الاقتصادى يأتى بعد ست سنوات من الركود وضعف المؤسسات في أعقاب ثورة 25 يناير 2011،  وأن اختيار رئيس البنك المركزى الجديد في نهاية 2015 كان له دور رئيس في هذا التحول الاقتصادى.

وأضافت الدراسة أن قانون القيمة المضافة  VAT الذي وافق عليه مجلس النواب في أغسطس 2016، يعتبر من أبرز السياسات المالية الجديدة، والتي ستؤدى إلى ارتفاع الدخل القومى من الضرائب التي تصل حاليًا إلى 13% من إجمالى الناتج المحلى GDP، وهى نسبة أقل بفارق 2% عما كان عليه الحال قبل 25 يناير 2011. ومن المتوقع أن تصل إلى هذه النسبة (15%)، وفق توقعات صندوق البنك الدولى، في العام المالى 2020 / 2021.


وأكدت الدراسة أنه بعد تحرير سعر الصرف حدثت تغييرات في قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكى، (الدولار الأمريكى يساوى 16 جنيه تقريبًا وقت كتابة الدراسة).

وكانت توقعات البنك المركزى المصرى والبنك الدولى أن يكون السعر الحقيقى للجنيه يتراوح بين 13-14 جنيها في مقابل الدولار الأمريكى، غير أن توقعات الدراسة، تشير إلى أن السعر العادل للجنيه في ضوء انخفاض الإنتاج وقلة التصدير هو 18 جنيها، وأنه سيصل إلى مرحلة التوازن حول هذا السعر.

ولقد أدى نجاح الإصلاحات المالية والنقدية التي قام بها محافظ البنك المركزى، وأبرزها تحرير سعر الصرف إلى فتح الطريق لزيادة التدفقات النقدية، ووضع مصر على الطريق الصحيح لزيادة مواردها واحتياطيها النقدى من العملات الأجنبية، وهذا هو المحور الرابع من محاور سياسة الإصلاح الاقتصادى.

لقد كان شرطًا أساسيًا من شروط البنك الدولى للموافقة على منح مصر قرضًا قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، أن تقوم مصر بتوفير 16 مليار دولار لسد العجز في الموازنة خلال العام الأول، والشيء الجيد هو أن مصر استطاعت حتى نهاية فبراير 2017 أن توفر 20 مليار دولار، وهو رقم أعلى من الرقم الذي استهدفه صندوق البنك الدولى.

ولفتت الدراسة إلى أنه على الرغم من البداية القوية والاستثنائية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، إلا أن هناك الكثير من التحديات أمام الاقتصاد المصرى ، خاصة في ضوء الدمار الذي لحق بالاقتصاد خلال الست سنوات الماضية.

من ذلك على سبيل المثال، سد عجز الموازنة، فلقد تضاعف قيمة العجز مرات عديدة خلال هذه السنوات القليلة الماضية، وارتفاع مستوى الدين الداخلى الذي وصل إلى 100% من إجمالى الناتج المحلى ، وهو مستوى لم تصل إليه دولة أخرى باستثناء لبنان وفنزويلا.

وأوضحت بيانات النصف الأول من العام المالى 2016 / 2017 إلى أن العوائد لا تغطى إلا 56% من قيمة الإنفاق.. ووفق برنامج الإصلاح الاقتصادى الذي يستغرق 3 سنوات، فإن عجز الموازنة سوف تصل نسبته إلى ما دون ال 6% بنهاية هذا البرنامج.

كذلك، فإن مستوى التضخم قد وصل إلى 30%، وهى نسبة عالية جدًا، وهى الأعلى منذ عام 1989 في مصر.. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة من هم تحت خط الفقر لتصل إلى 28% من المصريين (25 مليون تقريبًا)، وهو ما تتفاقم مشكلته في ضوء ضعف البنية التحتية للاقتصاد المصري.

وتشير الدراسة إلى أن العام الحالى هو عام إعادة التوازن للاقتصاد المصرى، وليس هو عام التعافى الكامل، فالاقتصاد المصرى يبدأ حاليًا من مستويات منخفضة للغاية، وعليه أن يقوم بالتوازن، غير أن المستقبل مبشر، في ضوء إمكانيات مصر الحقيقية، وفى ضوء القدرة على إعادة الأمور إلى شكلها الصحيح، في ضوء برنامج الإصلاح الاقتصادى الذي يتم بنجاح في مصر.
الجريدة الرسمية