التعليم.. وحاجته إلى نظرة شاملة
هناك مشكلات كثيرة حول مسألة تطوير التعليم في مصر؛ بعضها مرتبط بالمناهج التي لم تعد تساير العصر، والبعض الثانى له علاقة بالإمكانيات المادية المتدنية، من حيث عدد المدارس وكثافة الفصول والأجهزة الحديثة، والبعض الثالث يخص المدرسين الذين ليست لديهم القدرة ولا الكفاءة التي تمكنهم من أداء دورهم التربوي والتعليمي على الوجه المأمول.. هذا فضلا عن أن الطريقة التي يتم بها التعليم في مدارسنا لا تؤدي بالضرورة إلى تنمية القدرات وإبراز الإمكانيات وصقل المهارات اللازمة، بحيث يمكن توظيفها واستثمارها لإحداث النهضة المرجوة..
والحقيقة أن المشكلة ليست منحصرة في هذه المحاور الأربعة فقط، بل هناك قضايا محورية أخرى تحتاج أن نضعها في اعتبارنا لما لها من تأثير -إيجابي أو سلبي- في المحاور المذكورة، وهى تتضمن ٧ قضايا..
أولا: الأسرة (آباء وأمهات) وطبيعة المهمة التي تقوم بها في العملية التعليمية والتربوية.. ثانيًا: ما يعرضه التلفاز من برامج ومسلسلات وأفلام، فضلا عن الإعلانات المرتبطة بها.. ثالثًا: شبكات التواصل الاجتماعى وما يدور فيها، علاوة على السماوات المفتوحة التي تتيح للأطفال والشباب المراهق أن يطلعوا -في غيبة الآباء والأمهات- على مصائب ورزايا وبلايا لا حصر لها.. رابعًا: نوعية الثقافة الدينية التي يقدمها رجال الأزهر والأوقاف، من خلال الخطب والدروس والمواعظ التي يلقونها في المساجد.. ناهينا عن التنظيمات والجماعات الدينية، على اختلاف أشكالها وألوانها، وما تقوم به تجاه الأولاد والشباب، كل ذلك يحتاج إلى إعادة تقويم بما يخدم العملية التعليمية والتربوية..
خامسًا: ما يحدث من مخالفات وسوء سلوك في الطريق العام بما يؤثر سلبًا في ما تقدمه المدرسة.. سادسًا: المعارف والأصدقاء وما يدور بينهم، بعيدًا عن عيون ومتابعة الآباء والأمهات.. وسابعًا: القدوة على مستوى إدارة المدرسة والمدرسين والدور الذي يمكن أن تقوم به في بناء منظومة القيم الأخلاقية والإنسانية داخل مجتمع المدرسة..
وإذا كانت المحاور الأربعة الأساسية في حاجة إلى رؤية وخطط وبرامج عمل ومتابعة دقيقة ولصيقة على المستوى القومى، فإن القضايا السبع الأخرى هي أيضًا في أمس الحاجة إلى رؤية وخطط وبرامج عمل، على نفس الدرجة من الاهتمام، وأرى أن تتشكل لجنة مركزية تابعة لرئيس الوزراء -شخصيًا- وتضم "علماء نفس، خبراء تربويين ونظم معلومات، أساتذة ومفكرين في علوم الاجتماع، ومتخصصين تابعين لوزارات التعليم والثقافة والإعلام والأوقاف..إلخ"؛ وذلك لوضع تصور حول ما ينبغي عمله تجاه منظومة التعليم في مصر -بشكل شامل وكامل- في هذه المرحلة، بحيث ينال كل محور حظه ونصيبه، مع تنسيق عام بين مختلف المحاور.. ولسنا بحاجة إلى القول إن هذه القضية تمثل حاضر ومستقبل مصر "سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا".. باختصار، هي قضية أمن قومى.