وكالة «أودى باشا» بالجمالية تشتكي من الإهمال
"أودى باشا"، وكالة تحمل بين جنبات أسوارها وجدرانها المتهالكة، عبق تاريخ قديم، يروى لزائريها حكاية "الكتاب والسبيل" الذين خدموا أهالي المحروسة على مر العصور المختلفة منذ إنشائها، كما تروى لنا مئات القصص والروايات للتجار الذين استضافتهم في رحلاتهم لمصر المحروسة بغرض التجارة.
وتعد وكالة أودي باشا أو "وكالة بازرعة الثانية"، كما يطلق عليها أهالي حى الجمالية، لأنها ملاصقة لوكالة بازرعة، أثرًا هاما، فهى توجد بالشارع الموازى لشارع المعز والذي شهد طفرة كبيرة في الآونة الأخيرة من الاهتمام به ورعايته ولكن باقى أثار الجمالية لم يتوافر لها حظ شارع المعز.
"أودي باشا" من أقدم الوكالات التي أنشئت بالقاهرة ولأودي باشا كتاب وسبيل آخر بشارع الميضة بحى الجمالية، بالإضافة إلى عدد من الأماكن بحى الجمالية، كما أن لها وقفًا خاصا بها في محافظة الإسكندرية، حيث قام التاجر محمد بازرعة بشراء الوكالة، والوكالات في العصر المملوكى كانت تقوم بما تقوم به الفنادق في العصر الحديث، من حيث استضافة التجار وبضائعهم وخيولهم.
وكانت من ضمن الوكالات التي سيتم ترميمها لتصبح فندقًا أثريًا للأجانب في عصر الحديث "طبقاص للخدة" الذي أعلن عنها الوزير الأسبق فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، في حوار له، بجريدة الأهرام، والذي وصفها لكونها وسط العديد من الآثار فهى فندق سياحى رائع.
للاطلاع على الحوار، اضغط هنا
عندما شاهدت "فيتو" الوكالة لم تشاهد إلا بقايا المبنى الأثرى والذي يظهر بوضوح في الباب والذي لا يزال يحتفظ بحالته التاريخية والأثرية وإن كان يعلوه ويحيط به بعض الأعمدة الحديدية.
وأضاف أن مدخل الوكالة مليء بالمخلفات وبعض الدراجات النارية والذي فيما يبدو أنها ملك لبعض الصناع بالمكان ويقول بعض أصحاب الحرف أن الأعمدة والكمرات الحديدية التي توجد بواجهة الوكالة ويتوزع بعضها ببعض جوانبها، لإنقاذ المبنى من الانهيار.
ويقول البعض الآخر إنها وضعوا لمبدأ مشروع الترميم والذي توازى مع قرار طردهم تمهيدا لقيام أحد المستثمرين بترميمها وجعلها فندقا للأجانب داخل حى الجمالية طبقا لخطة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى والذي توقفت لقيام ثورة يناير.
عندما تجولت "فيتو" داخل المكان لم تجد إلا أصوات أغانى المهرجانات تندمج مع صوت ماكينات الخراطة ودق "الشواكيش".. الأدوار السفلى من الوكالة كلها ورش لصناعة الفوانيس ومستلزمات الشيشة بالإضافة إلى بعض الفوانيس أو البلورات النحاسية التي تستخدم في الديكور والذي تحمل سمات العصر الفاطمى.
أما المحال الخارجية لجانب الوكالة فهى محال خدمية جميعها لتوفير الأطعمة للعاملين بالمنطقة أو داخل الوكالة، والجزء العلوى بالجانب الثانى من الوكالة تقريبا متهدم، كما أن هناك بعض الأسوار الذي قام ببنائها أصحاب المحال في محاولة منهم لترميم بعض الحيطان، ولأنهم غير متخصصين في الترميم فلا تتناسب مع الأثر.
الأسطى أحمد مصطفى، يعمل بصناعة الفوانيس النحاسية،يقول:"جاءنا إنذار بالطرد في عام 2010 وطلبوا منا إخلاء المكان، وجاءت وزارة الآثار وقامت بإجراء مشدات حديدية لبدأ العمل بالمكان ويقال أن فاروق حسنى وزير الثقافة في ذلك الوقت كان ينوى تجديد الوكالة لتصبح فندقًا أثريًا للأجانب وذلك عن طريق بيعها لأحد المستثمرين، ولكن الأمر توقف لقيام ثورة يناير".
الأسطى محمد يعمل بصناعة مستلزمات الشيشة، يقول: "نحن لا نعلم شيئًا ولا نعلم لماذا يقومون بطردنا فنحن نعمل لكسب قوت يومنا وفقط والقضية الخاصة بالطرد توقفت بمفردها دون تدخل منا بعد قيام الثورة..توقفت الحكومة عن الإتيان إلينا كل يوم لمطالبتنا بالرحيل، نحن نسدد الإيجارات في ميعادها".
وما زالت الوكالة تأّن من الإهمال والتراخى في إنقاذ ما تبقى منها، ويستمر أصحاب الورش الصناعية داخلها لا يدركون قيمة المكان القاطنين به، ويضيع أثر عظيم مثل وكالة بازرعة الثانية أو أودى باشا، بين الإهمال والجهل.