رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم يدخل «مفرمة التغيير».. «السيسي» يطالب باعتبار «التربية والتعليم» الملف القومي الأول.. طارق شوقي: التطوير في المنظومة الحالية «خيالي».. وتواضروس: الارتقا

وزير التربية والتعليم
وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي

توافقت الرؤية التي طرحها وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي لمستقبل التعليم المصري، والتي ترتكز في محورها الأساسي على التربية، مع ما تضمنته كلمة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، خلال مشاركته في الجلسة التشاورية التي عقدت بمشيخة الأزهر الشريف، والتي أقيمت بهدف وضع خطوات عملية لإعادة بناء القيم الإنسانية والأخلاقية في المجتمع المصري.


تفاؤل أولياء الأمور
حالة التفاؤل التي انتابت أولياء الأمور، وعبر عنها عدد من خبراء التربية، أعادها البعض إلى أن وزير التعليم الجديد عندما تحدث أزمات التعليم المصري وضع يده على الجرح، عندما أكد أن قضية التعليم الأساسية تتمثل في أن المدارس تسعى إلى تقديم معارف في صورة معلومات، هدفها الأساسي أن يحصل الطالب أكبر قدر من الدرجات، وكأن الرسالة المراد تحقيقها هي العبور من الامتحانات، وليس بناء شخصية سوية قادرة على التفكير الناقد.

تطوير المنظومة
الوزير الجديد اعتبر أيضا أن أي حديث عن التطوير في ظل وجود هذه المنظومة بتلك الكيفية يعد نوعا من الخيال، مؤكدًا أن القيادة السياسية هدفها الأساسي الارتقاء بالمنظومة، وإعلاء القيم الإنسانية والمبادئ التربوية، وتنفيذ ذلك في صورة أنشطة ترفيهية وفنية ورياضية وعلمية، حتى وإن كان كان ذلك على حساب كم المعلومات المعرفية التي يحصلها الطالب، لأن المراد بناء إنسان يفكر، وليس بناء آلة (تصم وتحفظ).

رؤية تواضروس
تلك الرؤية تطابقت مع قاله البابا تواضروس، والذي ألمح إلى تراجع مستوى القيم والأخلاق في المجتمع، بسبب تراجع دور المدرسة وتركيزها على الجانب المعرفي على حساب الجانب التربوي، حيث قال: “الإنسان يحتاج إلى 5 محطات بالترتيب، هي الأسرة ثم المدرسة ثم المسجد/الكنيسة ثم الأصدقاء ثم الإعلام، ولكن هذا الترتيب انعكس فصار الإعلام هو الذي يربي، وصار التليفزيون الأب الثالث، ثم الأصدقاء، ثم المؤسسة الدينية، ثم المدرسة ثم الأسرة، والتي قل دورها بسبب ظروف اقتصادية ضاغطة، لذا يجب أن نعمل جميعًا كلٌ في تخصصه لضبط المنظومة".

استراتيجية التعليم
حديث "البابا" تلاقى مع استراتيجية وزارة التربية والتعليم الجديدة، والتي كشف عنها وزير التعليم، حيث أكد أن هناك توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتعامل مع ملف التعليم باعتباره الملف القومي الأول، لأن الاستثمار في الإنسان أهم من الاستثمار في الاقتصاد، هذا الطرح توافق مع ما قاله البابا تواضروس، عندما قال "لقد تعلمنا أن الثروات توجد في بطون الأرض، ولكننا اكتشفنا أن الثروات الحقيقية في فصول الدراسة".

التكاتف
وزير التعليم، بدروه أوضح أن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى تكاتف الجميع، وأن الوصول لذلك يتطلب صبرا لأن سفينة التعليم الحالية قديمة ومهترئة، وبناء سفينة جديدة لن يأتي بين يوم وليلة؛ بل يحتاج إلى جهد مضاعف وصبر لاستكمال المسيرة، لأن استعجال النتائج يؤدي دوما إلى نتائج سلبية وردة للخلف، معتبرا أن مستوى التعليم الحالي أقل كثيرا من مستوى التعليم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وقت أن كانت هناك متعة للتعلم، وإحساس الطالب والمعلم بقيمته الاجتماعية، موضحًا أن تحقيق ذلك قد يكون بعد عقد من الزمان مثلا أو يزيد؛ ولكن هذا لا يعني ترك الأوضاع الحالية على ما هي عليه، بل إن العمل سيكون من خلال برنامجين زمنيين الأول قصير المدى، والثاني طويل المدى في الأول يتم العمل على تحقيق أكبر إصلاح ممكن في المنظومة القائمة، وفي الثاني يتم العمل على بناء منظومة متكاملة تبدأ مع أطفال مرحلة الكي جي.

المنظومة القيمية
من جهة أخرى، لفت عبد الرءوف علام، رئيس مجلس الأمناء بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، النظر إلى أن المنظومة القيمية في المجتمع باتت في خطر، بسبب تراجع المدرسة عن دورها التربوي، وقال: عندما يتراجع هذا الدور تدخل عناصر أخرى لملء الفراغ الذي تتركه، ومن ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام الجديد الذي يعتمد السوشيال ميديا، وهذا الأمر في منتهى الخطورة، لأن ترك النشء في هذه المرحلة العمرية لتلك الوسائل لاستقاء القيم منها ينتج قيما مشوهة، ويؤدي لاعتناق أفكار غريبة عن مجتمعاتنا، ومثال لذلك ما يعرف بـ"السنجل ماذر" وهي تخالف كل الأعراف والتقاليد والقيم الدينية، وبرغم ذلك تم الترويج لها على نطاق واسع، باعتبارها إحدى قيم مجتمع السوشيال ميديا التي يتم التسويق لها، وأحد أسباب انتشار مثل هذه الأمور هي تخلي المدرسة عن دورها التربوي وانشغال الأسر.

دور المعلم
في ذات السياق، قال محمد عبد الله، الأمين العام لنقابة المهن التعليمية: "لا بد من التركيز على المعلم في الارتقاء بمنظومة القيم، وعودة التربية إلى المدرسة"، موجها انتقادات كبيرة للنظم التعليمية في كليات التربية، مشددا على أنه لا بد من وقفة كبيرة أمام المستويات التي يتم تخريجها؛ لأن هؤلاء هم الذين يقودون دفة العملية التعليمة، فمهما كانت دقة الخطط والاستراتيجيات الموضوعة لن يكون لها مردود إيجابي دون وجود إعداد جيد للمعلمين، وأن هذا الإعداد يبدأ من مرحلة اختيار الذين يلتحقون بكليات التربية من الأساس.

"عبد الله" – في سياق حديثه– انتقد أن يستمر اختيار الملتحقين بتلك الكليات بنظام تنسيق القبول الحالي، المعتمد في الأساس على مجموع الدرجات، مشددا على أن المعلم لا بد وأن تكون له صفات خاصة، ويكون شخصية قادرة على القيادة، معتبرا أن المعلم لا بد وأن يعود إلى مكانته السابقة، ويصبح أحد الرموز في حياتنا، لأن احترام الرموز والتي تبدأ بالأب والأم في البيت، ورجل الدين في المؤسسة الدينية، والمدرس في المؤسسة التعليمية هو أساس قوي للتغيير.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية