في الأزمات.. إدي العيش لخبازه !
في الأمثال قالوا (إدي العيش لخبازه ولو هياكل نصه)، وفي حالات الفشل المتكرر ونحن نعالج مشكلة يقفز هذا المثل على السطح، وفي أزمة السياحة الروسية المتوقفة منذ أواخر 2015 حتى الآن والروس يتلكئون في عودة الطيران الروسي إلى شرم الشيخ والمقاصد السياحية المصرية، وكان الزميل خالد إمام رئيس تحرير (المساء) الأسبق كتب مقالا أمس الاثنين أنقل بعض فقرات منه مثل:
"منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء أوقفت روسيا رحلاتها ومنعت سُياحها من السفر لمصر وتبعتها العديد من الدول بتشدد حتى يتم تأمين مطاراتنا ويجيز الخبراء ذلك.. وبالفعل فعلنا ما هو مطلوب وأكثر واجتازت مصر التفتيشات الأمنية (المراجعات) من جميع المنظمات والكيانات الدولية وفى مقدمتها (أكو) و(أياتا) وكذلك سلطات الطيران المدني في أعتى دول العالم مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي، بل هيئات السلامة في كل دولة من دول الاتحاد وغيرها.. باختصار كنا (زباين) للكل وكأن مصر هي الدولة الوحيدة التي تعرضت لحادث إرهابي"..
واستطرد قائلا: "خرج علينا وزير النقل الروسي ليرغى ويزبد ويخترق الحدود والأسقف.. ومن يخترق يحترق وقال إن فريق الخبراء الروس الذي اختبر إجراءات الأمن بمطار القاهرة مؤخرًا خلص إلى أنه من غير الممكن استئناف رحلات الطيران في القريب العاجل وأن بلاده تنتظر دعوة من مصر لإجراء تقييم في المطار ويأمل أن تكون من الاختبارات النهائية"!
وزير النقل الروسي تلقى درسًا قاسيًا من الزميل خالد إمام بسبب تصريحاته المتجاوزة، واختتم مقاله قائلا:
"رأيي أن مصر لابد أن تصرف النظر عن هذا الملف تمامًا.. ولا توافق مجددًا على قدوم أي خبراء روس للتفتيش ولو لمرة واحدة.. فقد عملنا ما هو واجب علينا. ليس من أجل سواد عيون أحد بعينه. بل من أجل سمعتنا نحن. والجميع أشاد بما عملناه.. وبالتالي.. من أراد أن يتبادل معنا الرحلات الجوية. ويرسل سُياحه إلينا. فأهلًا وسهلًا.. ومن لا يريد لأغراض شخصية. أو لأمراض متوطنة لديه. فليهنأ بأغراضه. وليشفه الله من أمراضه!"
هذا شأن الروس.. ويبدو أن هناك مشكلة عندهم تتعلق بالحالة الاقتصادية بسبب الحظر الاقتصادي الذي ما زال مفروضًا عليها، ويبدو أنها تعاني من مشكلة الدولار وتريد ألا يخرج بكثافة منها لأن عدد السائحين الروس الذين يفدون إلى مصر كان يصل إلى أربعة ملايين سائح قبل 2011 ينفقون نحو 5 مليارات دولار تقريبًا، وتراجع العدد إلى أن توقف عقب سقوط الطائرة.. ويبدو أن عودة السياحة الروسية لن تحدث إلا بقرار سياسي وليس بقرار فني أو متعلق بأمن المطارات بعد أن رفعت معظم الدول الأوروبية الحظر الذي فرضته على السفر إلى مصر وخصوصًا إلى شرم الشيخ والغردقة.
صحيح كما يقول خالد إمام (عملنا ما هو واجب علينا).. هذا بخصوص إجراءات التأمين في المطارات، واستوردنا أجهزة حديثة بمئات الملايين من الدولارات، ورفعنا كفاءة العاملين في المطارات، وطبقنا قوانين صارمة تسري على كل المسافرين والقادمين على حد سواء بلا تمييز حتى شهد لنا العالم كله.. لكن هل عملنا ما هو واجب علينا في جلب السياحة وفتح أسواق جديدة؟ هل فكرنا في تسويق ما عندنا من مناطق سياحية متنوعة لا توجد مجتمعة في أي مكان بالعالم؟ هل سوقنا ببرامج واضحة وبمعلومات دقيقة وبصور مبهرة السياحة العلاجية والمناطق الاستشفائية؟ هل خرج من عندنا خبراء هيئة تنشيط السياحة لطرق أسواق جديدة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وفي الصين واليابان وكلها أسواق تصدر سائحين بأعداد كبيرة ؟
للأسف السياحة المصرية –حسب خبراء السياحة– تعمل في 40 سوقًا تقريبًا، بينما السياحة التركية تعمل في أكثر من 100 سوق رغم أن تركيا ليس لديها ما لدينا من مقومات سياحية متنوعة !
قضية السياحة ليست في السياح الروس فمصر تستحق أن يفد إليها سياحة تتسم بالكيف المتميز من حيث الإنفاق وليس بالعدد، وكما يقول خبراء السياحة -الذين لا يملكون قرارًا في حل مشكلة السياحة– إن معدل إنفاق السائح الأوروبي والأمريكي والياباني والصيني يفوق السائح الروسي.. وكما أننا نتحدث عن أهمية توفير بيئة جاذبة للاستثمار يجب توفير بيئة جاذبة للسياحة.. وأن نعطي العيش لخبازه ولو هياكل نصه!