رئيس التحرير
عصام كامل

عدو الاستثمار


"إن الشعب عانى بما يكفي ولم تعد تفلح معه المسكنات".. هذه هي أبرز ما جاء في خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الاحتفال بعيد الشرطة والتي تلخص الحالة التي يعيشها الشعب المصري حاليا.. عبارة يجب على المسئولين في الجهاز الإداري للدولة أن يحولوها إلى خارطة طريق.


مما لا شك فيه أن حكومة شريف إسماعيل هي أول المقصودين بهذا التوجيه والذي يجب أن تستتبعه خطوات على الأرض لوضع برنامج عملي لتحريك عجلة الاقتصاد وتقوية العملة المحلية في مواجهة سوق النقد الأجنبي.. فلا يجب علينا أن ننتظر الصدفة أو العوامل الخارجية لتخفيض قيمة الدولار الذي عاود للارتفاع مرة أخرى ليكسر حاجز الــ18 جنيهًا بعد أن انخفض لأدنى مستوياته خلال الأسبوعين الماضيين وصولا إلى أقل من 16 جنيهًا.

وهذا يضعنا أمام طريق واحد لا بديل عنه وهو زيادة الإنتاج وجذب مزيد من الاستثمارات، حيث جاء قرار دمج وزارتي الاستثمار والتعاون الدولي في حقيبة واحدة كخطوة على المسار الصحيح نحو تحريك عجلة الاقتصاد.

وهذا يلفت نظرنا إلى حقيقة في غاية الأهمية وهي ضرورة تحقيق الانسجام والتكامل بين جميع أجهزة الدولة لضمان تحقيق الآمال المنشودة، خصوصًا أن التغيير الوزاري الأخير يراه الكثيرون الفرصة الأخيرة لحكومة شريف إسماعيل لرفع المعاناة عن كاهل الملايين من المواطنين.

لذا يجب وضع حلول سريعة ومعالجة فورية لعقبات متراكمة عانى منها المناخ الاستثماري في السوق المصرية طوال السنوات الماضية، وأولها حسم ملفات التسوية مع الشركات وحل مشكلات الاستثمارات المتعثرة، فضلا عن إعادة هيكلة قطاع الأعمال والمشكلات الفئوية للعمال على رأس أبرز عقبات مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق المصرية خلال الأعوام المقبلة، وذلك عقب توفير المناخ الاستثماري المناسب وإنهاء الروتين والبيروقراطية.

منذ سنوات عديدة ماضية وقفت البيروقراطية حائلًا دون جذب الاستثمارات لمصر فكانت بمثابة الصخرة التي تتحطم عليها جميع إجراءات الإصلاح الاقتصادي بمفهومه السليم الذي يقوم بالأساس على إزالة جميع العقبات من طريق أصحاب المال والأعمال ومنح حوافز استثمارية تشجع على تنفيذ مشروعات جديدة.

هل تعلم عزيزي القارئ أن تأسيس مصنع يستغرق ما بين 3 و4 سنوات على الأقل نتيجة تعدد الجهات المطلوب الحصول على موافقتها، فرغم الإصلاحات العديدة في مجال تحسين بيئة الاستثمار، فإن هناك تعقيدات حكومية وإجراءات الروتينية تقف عائقًا أمام تنشيط حركة الاستثمار، لذا لابد من تفعيل إجراءات الشباك الواحد والاستعانة بتجارب دول أخرى مثل البرازيل وماليزيا.

هذا إلى جانب ضرورة إنجاز قانون الاستثمار وحل مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي وكذلك تطبيق إجراءات حوافر الاستثمار والمناطق الحرة والضرب بيد من حديد على الفساد وظاهرة التهريب الجمركي بخلاف البيروقراطية العقيمة والتقديرات الجزافية للضرائب وحل مشكلات المصانع المتعثرة واستعادة ثقة المستثمر داخل مصر وخارجها.

وفي خطوة على الطريق الصحيح، قررت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي مد ساعات العمل بمجمع الخدمات الاستثمارية وإلغاء إجازة يوم السبت ووجود إشراف على مجمع الخدمات الاستثمارية وذلك لتيسير الخدمات على المستثمرين، معلنة أنها ستتولى الإشراف بنفسها على تقديم هذه الخدمات لتذليل جميع العقبات والعراقيل التي تحول دون تدفق الاستثمارات على مصر.

مطلوب أيضًا تعميم مثل هذه القرارات وغيرها والتي تصب جميعها في صالح الاستثمار على كل الإدارات والأجهزة والوزارات المعنية للوصول إلى الهدف الأسمى بتحقيق أقصى استفادة من إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي ينظر إليها المواطن البسيط بعين الاحتمال تارة وعين أخرى تنتظر إنجاز النتائج الملموسة على أرض الواقع.
الجريدة الرسمية