رئيس التحرير
عصام كامل

ماسبيرو لتشجيع الاستثمار أم ترويج النصب؟!


الجهاز الإداري للدولة يعمل به عشرة أضعاف العدد المطلوب ولدينا موظف لكل 13 مواطنا والنسبة العالمية موظف لكل 90، كما أن الأجور والرواتب تلتهم ما يقرب من ثلث ميزانية الدولة (238 مليار جنيه) ولدينا 2 مليون خريج سنويًا، فهذا معناه وجود ملايين الخريجين دون عمل يزدادون سنويا وأصبحت البطالة هي التحدي الحقيقي واللغم الذي ينفجر يوميا بسبب استقطاب الجماعات الإرهابية لبعض العاطلين، إذن الجهاز الإداري متخم بالموظفين ولا تعيينات حكومية مع بطالة شديدة الخطورة.. فما هو الحل؟


الحل والأمل كله في القطاع الخاص وتشجيع ثقافة العمل الحر، من خلال جذب استثمارات جديدة وإقامة مشروعات كبيرة تستوعب الخريجين وأيضا تشجيع الشباب على عمل مشروعات صغيرة ومتوسطة والاستفادة من الفرص التي تقدمها الدولة، أمام كل هذه التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد، فهل يعقل أن يتخذ قيادات اتحاد الإذاعة والتليفزيون قرارا بمنع ظهور الأطباء وأصحاب المهن الحرة دون مقابل في قنوات وإذاعات ماسبيرو، قد أتفهم أن يفعل ذلك الإعلام الخاص الذي يسعى للربح وعدم الخسارة أما أن يفعله الإعلام الرسمي فهو غير مبرر!؟

أعتقد أن متخذ هذا القرر لا يعيش بيننا ولا يشعر بما يدور حوله ونظرته للأمور ضيقة جدا، لأنه يفكر في تحقيق بضعة آلاف دخلا لماسبيرو سوف تكلف الدولة المليارات من الخسائر المادية والبشرية، وبدلا من تخصيص ساعات طويلة( من آلاف ساعاته المهدرة بلا فائدة) لعمل دعاية مجانية للقطاع الخاص ولجذب الاستثمار وتشجيع الشباب على اقتحام مجال المشروعات الصغيرة والعمل الحر وعدم انتظار الوظيفة الميري وهذا هو دوره الحقيقي لأنه يقدم خدمة عامة وتنفق عليه الدولة من ضرائب المواطنين العاملين بالقطاعين العام والخاص.

واضح أن قيادات ماسبيرو لا تعلم أن المحترمين من أصحاب المهن الحرة ليسوا في حاجة إلى دعاية مدفوعة الأجر لأن سمعتهم وتميزهم المهني هو أكبر دعاية لهم وأن النصابين وعديمي الكفاءة والخبرة هم من يدفعون أموالا في مقابل الظهور الإعلامي وهذا أدى إلى كوارث خاصة في مجال الطب، وكان يجب على قياداته محاربة هذه الفوضى المتمثلة في البرامج الطبية المعلنة بدلا من ترسيخها بعد أن أصبحت سبوبة للدجالين والنصابين..

كما يجب منع ظهور مدعي الطب في قنوات ماسبيرو وأن تكون هناك شروط قاسية لذلك وبالتنسيق مع نقابة الأطباء ووزارة الصحة والجامعات بحيث يكون أستاذا أو استشاريا كبيرا..

أما الكارثة الأخرى في كلمة أصحاب المهن الحرة وهي كلمة مطاطة تشمل الأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين والفنانين والمطربين والشعراء والموسيقين والسباكين والكهربائية والقائمة تتسع وتضيق حسب الأهواء الشخصية وحالة التربص بين العاملين وقيادتهم، وبالتالي سوف تؤدي إلى شلل تام في البرامج، هل قيادات ماسبيرو لا تعلم أنه يعاني أصلا من تراجع في مستوى ضيوفه ونسبة المشاهدة والاستماع لبرامجه وأن كثيرا من الضيوف يتعاملون معه على سبيل الشفقة والمساندة وأن القنوات الخاصة حاليا هي التي تدفع للضيوف أموالا كثيرة حتى ترتقي بمستوى برامجها شكلا ومضمونا، وأن جودة البرامج هي التي تجذب المشاهدين والمعلنين والضيوف، وأن قرارا مثل هذا يقضي على البرامج التي تشجع على الاستثمار وحل مشكلات الصناع وكذلك البرامج الخدمية وتقضي أيضا على ما تبقى من ماسبيرو وتدعم موقف المتآمرين عليه..

كنت أنتظر من قيادات ماسبيرو تفكير خارج الصندوق لضغط النفقات وتنمية الموارد من خلال الارتقاء بمستوى البرامج شكلا ومضمونا والاهتمام بالكيف على حساب الكم وتخفيض البرامج وساعات الإرسال وتخصيص برامج للدعاية المجانية لشركات ومصانع القطاع الخاص وحل مشكلات المصانع المغلقة وتشجيع أصحاب المهن الحرة حتى تنهض البلد من كبوتها الاقتصادية، وأخيرا فإن حرص رئيس الجمهورية على تولي رئاسة المجلس الأعلى للاستثمار بنفسه رسالة لم يفهمها قيادات الإعلام الرسمي، فالاستثمار قضية حياة أو موت ويلزمه إعلام واعٍ يروج له ولا يروج للنصب والدجل... واللهم احفظ مصر.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية