رئيس التحرير
عصام كامل

كيف ترعرعت البيروقراطية في ظل تشويه المجتمع؟


في المقال السابق استعرضنا كيف كانت البيروقراطية السياج المنيع للحفاظ على ثورة الثالث والعشرين من يوليو ولكن بعد انشغال مصر في نكسة 67 وحرب الاستنزاف ونصر 73.. بدأ تيار الإسلام السياسي يشكل المجتمع المصرى مجددا مستخدما البيروقراطية المؤسسة سالفا كبنية تحتية جيدة وقوية لتشويه ذلك المجتمع وإعادة هيكلته.


منذ تلك النقطة وتولى مبارك الحكم بدأ يكون للمجتمع ذراعان يشكلان ويهيكلان ذلك المجتمع وهم حاشية الحاكم وتيار الإسلام السياسي.

ظلا الاثنان متوازيين تارة ومتعامدين تارة كخصمين في معركة أو إخوة متحابين في مهمة وطنية.. وكما تركنا في المقال السابق نقطة كيف استغل حاشية الحاكم مبارك البيروقراطية سنبدأ في سردها..

أولا: في حاشية ذلك الحاكم كان الهدف هو تقسيم الشعب إلى شرائح لا علمية ولا طبقية ولكن إلى دويلات صغيرة تنتمى لمصر كلها ولكنها دويلات منفصلة عن بعضها البعض.. دويلة المقربين للحاكم وهم الأكثر حظا وأوفر صلاحيات وكانت تضم كل رجال الأعمال وأصحاب الاستثمارات القوية.. وعدم إقصاء أي مستثمر أو رجل أعمال عن تلك الدويلة وإدخاله بها رغما عنه لضمان قبضة يد الدولة على كل نقطة قوة اقتصادية.

دويلة متوسطة وهى التي تخيلت أنها غالية على قلب الحكومة ولكنها سرعان ما استفاقت في يناير 2011 وهى التي تحملت أعباء ومشقة البيروقراطية بل كانت سلاحا يهدم طاقاتها اليومية ويسبب لها كل الإشغال الممكن.. بل الإلهاء والاستنفاد لتصل بهم الحياة إلى آخر نهار اليوم وتشكر الله أنها عادت سالمة لبيتها وكفى.. لا سياسة ولا طموحا في جودة حياة أفضل ولا أي شيء.

الدويلة الأخيرة وهى الطبقة المعدمة والطبقة المغيبة التي كانت من نصيب الفقر والجهل والمرض والمخدرات وهى الطبقة التي سُرق إدراكها منها وسُرقت حياتها وُسرق وعيها سواء بالفقر والجهل المتعمد وعدم توفير تعليم كاف لهم سواء بسلاح الإباحية والأدوية المخدرة والتي كان من مصلحة الخصم الآخر وهو تيار الإسلام السياسي المستتر تحت عباءة الدين أن يزيد من الإباحية في المجتمع ليثبت لكل من يجنده ولكل من يقوم بغسل عقولهم أن هذا المجتمع شديد الفساد والفقر والإباحية وأن المنجى الوحيد والقارب الوحيد للهروب من ذلك المجتمع اللعين هو التطرف وتنفيذ أوامر الله وتطويع كلمات الدين لكسب أكثر عدد وتجييش الأكثر لتشويه المجتمع بمظاهر عدة وطرق وحيل أكثر براعة من الخصم الأول ولكن هل كان الاثنان يترقبان يناير 2011 ؟
إطلاقا..
الجريدة الرسمية