مع السلامة يا أبو عمة مايلة!
من الشروط الأساسية الواجب توافرها في السياسي، امتلاكه قدرة اللعب بالبيضة والحجر، هذا أمر عادى جدًا بالنسبة للساسة، هناك فئة أخرى من البشر بتلعب بالبيضة والحجر، وبشكل أكثر مهارة، لكن لا يُمكن وصفهم بالساسة، وإنما هم نصابون وأفَّاقون، مكانهم السجن لا البرلمان الذي هو مكان الفئة الأولى ـ من الساسة ـ بطبيعة الحال!
لكن تعال نعترف أن خلطًا مقصودًا ـ ومُغطى بطبقة من التمويه والزن والتضليل والبيض ـ قد جرى وضعه بإحكام على الفارق بين السياسة والنَصب بالتوازى مع اندلاع ثورة يناير، وهو نفس الخلط الذي تم مزجه بمهارة لحرمان المساكين من العامَّة من التفريق بين الوطنية والخيانة، فحُمِل خَوَنة على الأعناق، وانسحق شرفاء أسفل الأحذية!
لا مجال هُنا لذكر أسماء، سأراهن على ذكاء القارئ الكريم، وسأراهن كذلك على عدم الزَج بى أو بالسادة المسئولين عن النشر في السجن، لمُجرَّد ذكر أوصاف تليق بالمقصود بهم الكلام، ويكفيهم ما يصبهم تباعًا، أحدهم خلاص انكشف وأخد استمارة ستة، أو صار قاب قوسين أو أدنى من ذلك، وبعدها قد يستقر في مكانه الحقيقى ـ السجن لا البرلمان ـ بتُهمة التزوير، لا سيما أن كُل الأدلة ضده، وعلى رأسها شكاوى مَن قام بتزوير توقيعاتهم!
والحقيقة أننا اعتدنا قيام الموظفين في مصالحنا الحكومية الميمونة بالتوقيع بدل بعضهم البعض على دفاتر الحضور والانصراف، لإثبات التزامهم بالمواعيد، وبالتالى يقبضون المُرتب والحوافز ميت فُل وأربعتاشر دون أي نقصان، ودون حضور كمان، لكن أن يقوم عضو مجلس نواب بالتوقيع بأسماء زملائه وموافقتهم على مشروع قانون، فهذه جريمة تستحق الذبح، لا لفت النظر، أو خصم جلستين، وأرجوك حدِّثنى أكثر عن الديمقراطية، وأرجوك تتخيَّل معى صورة نائب يقوم بتزير توقيعات زملاءه النواب اللى معاهم حصانة تحت قبة البرلمان، وترجع بذاكرتك كدة لأيام الانتخابات نفسها، وتقول لى دة مُمكن يزوَّر كام ألف صوت لناس مساكين وغلابة منهم كتير ميعرفش الألف من كوز الدُرة، علشان يوصل لهذا المقعد ويقعُد عليه ويرتاح؟!
والحقيقة أن الفضائح كثيرة، وريحتها زى الزفت، لكنها مُغطاة دائمًا بطبقة تساؤلات ثورية حائرة محموقة، وهذه الطبقة دايمًا عليها غطاء كريم كرامل من مُذيعات فاتنات، أو مُذيعين عاملين نفسهم مُثقفين، ويطلع الأفَّاق من دول يسأل ببراءة تمثيلية متفوِّقًا بها على الراحلة (أمينة رزق) "كُل دى تُهم ضدى؟ ناقص تقولوا إن أنا اللى أشعلت الحرب العالمية الأولى، وقتلت ولى عهد النمسا، وضربت الزومبة في اليابان بدل (هارى ترومان) في الحرب العالمية التانية!"
وقتها تلاقى المُذيعة مسخسخة على نفسها من الضحك، والمُذيع عامل نفسه جَد ومكشَّر كأن أبوه مات ودَخَل النار، ويهزُّوا راسهم أوى وهُما موافقين الأخ صاحب الأداء الأفضل من (أمينة رزق)، رغم أن كُل الحوادث تؤكد حصوله على تمويلات مشبوهة، وتقديمه لتقارير سرية أو مُعلنة لجهات أجنبية، بعدما أصبحنا في عهد يعمل فيه الجواسيس في الجهر والعلن، ومش ناقص غير إنهم يتقدمون بقانون للبرلمان يطالبوا فيه بإضافة مهنة جاسوس لخانة العمل في البطاقات الشخصية!
يُمكن كذلك إضافة مهنة "جاسوس" لجوازات السفر، يا أخى علشان تسهيل مهام السادة الخَوَنة لما يحبوا يسافروا في أي مكان، ويتعمل لجوازاتهم كمان لون مخصوص على غرار جوازات السفر الحمراء الخاصة بالدبلوماسيين، ومُمكن نسأل حضرته ـ آخر واحد تَم فضحه بهذا الشكل الرسمى ـ عن اللون المُفضَّل لديه، وهو في الغالب سيكون اللون الرمادى، حاكم هو طول عمره رمادى، ساعات مع الحزب الوطنى، وساعات يناضل ضده، وأحيانًا حليف الإخوان، وبيصلى العصر ست ركعات علشان يضاعف من الإيمان والتقوى ويزايد عليهم وعلى التيار المُتأسلم كُله، وساعات يعمل فيها علمانى ويحلق راسه "أقرع خالص" عشان يزايد على البوب اللى لسَّة باقى عنده شوية شعر من أيام الشقاوة!
المُهم أننا لن ننتهى من الخلط، وسيتصدر تويتة على تويتر، ومعاها حلقتين على دريم، وكذلك مقالتين على مش عارف إيه، سيتصدر كُل ذلك المشهد، الكُل يندب الديمقراطية، ويلطم على خدود الحُرية، والحقيقة لا أعرف أي حُرية المقصودة؟ حُرية الخيانة وطعن الوطن بأن يولى المؤتَمَن على أسرار البلد والشعب وجهه شطر الخارج، ويمنحنا لا مؤاخذة ضهره، وتبقى مصاريننا برَّة بهذا الشكل الرسمى؟!
إن القانون يجُب الديمقراطية، ولا يُمكن أن نعتبر لخائن أو نعمل له اعتبارا، حتى لو كان الشعب هو مَن اختاره، وإلا تعال نرجَّع (محمد مرسي) وجماعته للقصر، ونقعد نقتل نفسنا بدل ما يكمِّلوا فينا قتل باسم الدين والديمقراطية بقى!
في النهاية أؤكد أن مقالًا سابقًا للعبد لله احتوى على ذات المعنى تقريبًا، وقبل استفحال تلك الأزمة، وأكرر أنه لولا اسم اللى ميتسماش ـ اسمه فقط لا غير والذي يستغله أفضل استغلال لمصالحه وأسوأ استغلال للاسم وصاحبه الراحل وهى وراثة بالمُناسبة لمُتابعى التاريخ ـ لما استطاع حصد صوت واحد في أي انتخابات، ولما أصبح نائبًا للشعب، علشان يشتغل في بيزنس المعلومات والتقارير، ويجلب لنفسه ملايين يطرطش ببعضها فتَّة ولحمة في العيد على الغلابة، علشان يجيب مليارات بعدها بالمزيد من التقارير!
وتعال نتفق أن مَن يكون قِرشه من الخارج، لابُد وأن يكون ولاؤه للخارج؛ فالموظف يسعى دائمًا للحصول على رضا رئيسه خوفًا من عقاب أو خَصم من راتبه، وكذلك مُتلقى التعليمات والتمويلات من الخارج، لا يُمكن أبدًا أن يعارض أو يخالف الأوامر وإلا انقفلت الحنفية، وقديمًا قالوا اللى يمد رجليه ميمدش إيده، وهو للأسف مادد إيده برَّة على طول، علشان كدة رجليه جات في الخيَّة، ورحل غير مأسوفًا عليه رغم محاولات التشويش على الموضوع بقضايا وكلام فارغ، علشان يقدر يشتغل ـ كعادة الأفَّاقين ـ بطريقة سيب وأنا أسيب، وحديث عن عربيات، وموازنة، وكلام فاضى، ومع السلامة يا أبو عِمَّة مايلة!