رئيس التحرير
عصام كامل

شالوا ألدو.. جابوا شاهين


لم أكن من السعداء بتغيير وزير التربية والتعليم في التغيير الوزاري الجديد، حيث تقلد المنصب الدكتور طارق شوقي بدلا من الدكتور الهلالى الشربينى، وسبب عدم سعادتي أو تفاؤلي لا يرجع إلى كفاءة الهلالي الشربيني، أو عدم كفاءة طارق شوقي، وإنما عدم تفاؤلي بما ألاحظه دائما بعد تغيير وزير التربية والتعليم – والحال عامة ينطبق تقريبا على معظم الوزراء- حيث تجد أن الوزير الجديد ينبري بصورة عنترية ليدشن نفسه على أنه هو الفتح المبين، والوسيلة الأكيدة لتقدم العملية التعليمية ورقيها، ووصولنا إلى مصاف الدول الكبرى والعظمى في المجال التعليمي، وبعد التجربة نجد أن كل تلك التصريحات من نوعية "الفشنك" عيار 38 !.


ومن ناحية أخرى نجد ذلك الوزير يقوم بكل عنترية بإلغاء ما قام به سلفه من أي تعديلات أو تحسينات كان هذا السلف قد بشر بها المجتمع المصري على أنها ستكون هي الفتح المبين، فإذا بالوزير الجديد ينسفها من جذورها، ويؤكد أنها كلها لا قيمة لها ! بل سترجع بالتعليم للخلف !

وأستطيع هنا أن أسرد آلاف الأمثلة، لكنني سأكتفي ببعضها، فكلنا يتذكر تجربة إلغاء الصف السادس الابتدائي التي قام بها أحد وزراء التربية على أنها هي الحل الجذري لمشكلات التعليم، فإذا بمن يأتي بعده يؤكد أنها تجربة فاشلة، ويعيد السنة السادسة مرة أخرى، ثم التفكير في إلغائها وهكذا، وكلنا يتذكر تجربة الثانوية العامة حيث بشرنا أحد الوزراء أن الثانوية العامة ينبغي أن تكون على سنتين، وعدّد من مزايا ذلك النظام الذي سيقضي على الدروس الخصوصية ورهبة الثانوية العامة، وتم تطبيق النظام بالفعل إلى أن اكتشف من خلفه أن ذلك النظام فاشل لا يصلح لمصر، ولم يؤد إلى التخلص من الدروس الخصوصية، بل زادها زيادة مهولة، فتم عودة نظام الثانوية العامة القديم أو السنة الواحدة، وبشرنا أحدهم بأن السبورة الذكية هي التي ستحل مشكلات التعليم وتم تطبيقها ولم تؤت أي ثمرة مرجوة، وظهر فترة مصطلح الكتلة الحرجة واختفى فجأة، كما كان لمصطلح الجودة بريقه ولم يعد له ذلك البريق.. إلخ.

إذا فطلاب التربية والتعليم لا يخضعون لسياسة تربوية وتعليمية حكيمة، وإنما لبعض التجارب والآراء والأهواء التي يقصد منها إظهار فضل وزير، وأنه الفاتح العظيم، فيمحو آثار سلفه كما كان يفعل الفراعنة في مصر القديمة، فبعد أن بشر الوزير الدكتور الهلالى الشربينى بأن نظام البوكليت في امتحانات الثانوية العامة هذا العام هو بوابة العبور لتعليم راق، ومستوى نتيجة عادل، ويقضي على كل سلبيات الثانوية العامة.. إلخ، وقد شارك في وضع هذا النظام لجنة مميزة كان منها الوزير الحالي الدكتور طارق شوقي، فوجئنا بعد تولي الدكتور طارق شوقي يتنصل من نظام البوكليت، ويؤكد أنه ليس ناجحا ولا شيء جيد فيه، بل إن الدولة لا تريده، إذا فمن وضعه؟ ومن الذي وافق عليه؟ إن كانت الدولة لا تريده، إلا إذا كانت حكومة أخرى في دولة أخرى هي من وضعته لنا، وطبّقته عنوة على مصر التي لا تريده !

وبعد كل هذا، هل من الممكن أن أتفاءل بتغيير الوزير إذا كان الجديد لا يعمل أبدا بسياسة متسعة وإستراتيجية طويلة الأجل، يحافظ من يعقبه على تطبيقها حتى تؤتي ثمارها في سنوات طويلة وينصلح حال التعليم، أم سيكون تغيير الوزير من قبيل "شالوا ألدو وجابوا شاهين" ؟!
الجريدة الرسمية